السبت - 11 مايو 2024
السبت - 11 مايو 2024

مختصون وخبراء: الإمارات تقود المنطقة لتسريع مبادرات التحول المناخي

تقود الإمارات، دول المنطقة نحو تسريع خطط التحول المناخي عبر عديد من المبادرات والاستراتيجيات الهادفة لتعظيم دور الدولة محلياً وإقليمياً لبناء الاقتصاد الأخضر والاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة والحد من الانبعاثات الكربونية الضارة، فلم تكن مبادرات الدولة بشأن تغير المناخ وليدة اللحظة وإنما نتاج برامج عمل جادة بدأت مع بداية الألفية الحالية، لتختبر مكامن النجاح في كل مجال تخطو إليه، بحسب خبراء ومختصين أشاروا إلى أن الإمارات ضمن أكبر منتجي النفط والغاز في العالم، إلا أنها بدأت رحلتها نحو التغيير المناخي وإنتاج الطاقة المتجددة مبكراً، والاستثمار بالطاقة النووية.

وأوضح هؤلاء أن الإمارات أول محرك للطاقة النظيفة في المنطقة من خلال مبادرة «مصدر»، المدينة البيئية الأكثر استدامة في العالم، والتي أطلقتها منذ عام 2006، لافتين إلى العديد من الإنجازات الإماراتية في مجال الطاقة المتجددة أبرزها: شمس 1 التي تعتبر أكبر محطة طاقة شمسية مُركزة في العالم، ومحطة إنتاج الطاقة من النفايات في أبوظبي، والحديقة الشمسية في دبي.

دولة رائدة

قال فادي الغطيس، الخبير الاقتصادي، والرئيس التنفيذي لشركة مايند كرافت للاستشارات: إن دولة الإمارات دولة رائدة ومثال يحتذى إقليمياً وعالمياً في الجهود المبذولة لمواجهة التغير المناخي الذي تتجاوز خسائره 100 مليار دولار عالمياً سنوياً، مشيراً إلى الجهود المبذولة من خلال التحول للاقتصاد الأخضر وزيادة الطاقة النظيفة إلى 50% بحلول عام 2050.

ونوه إلى أن أبرز جهود الدولة خلال العام الحالي في هذا المجال هو إطلاق شبكة أبحاث تغير المناخ محلياً لزيادة الدراسات المتخصصة بالمجال، ثم مواجهة التغير وخفض مسبباته بسهولة لدى الدولة، مضيفاً أن الدولة أحدثت نقلات نوعية عام 2019 بمجال التنوع بحلول الطاقة المتجددة والنظيفة، حيث دشنت مشاريع فارقة مثل مشروع نور أبوظبي للطاقة الشمسية ومشروع الطاقة الشمسية في منطقة الظفرة، ليكون إجمالي القدرة الإجمالية الإنتاجية للمشرعين من الطاقة النظيفة نحو 3 غيغاواط وهو من أكبر مشاريع الطاقة النظيفة في العالم، وهذا دليل على عمق رؤية القيادة الراشدة نحو التحول للطاقة النظيفة، ثم دعم ريادة الدولة وتعزيز دورها في المجال ذاته.

مواكبة الطلب

قال الخبير العقاري، وليد الزرعوني، رئيس مجلس إدارة دبليو كابيتال للوساطة العقارية، إن نجاحات الدولة على صعيد التحول نحو بيئة أكثر استدامة يعزز من جاذبية القطاع العقاري في ظل مرونة أنظمة الحياة التي تصاحب بناء المدن الذكية الجديدة، ولمواكبة الطلب الكبير لمدن المستقبل.

وأضاف الزرعوني، أن إدخال التقنيات الموفرة للطاقة والداعمة للنظام البيئي يعزز من فرص جذب الاستثمارات الأجنبية إلى الدولة في كافة القطاعات الصناعية والطاقة والعقارات ومشاريع البنية التحتية.

وأفاد الزرعوني بأن المبادرات الحكومة التي تتبنها القيادة الرشيدة تضع الإمارات في مصاف الدول المالكة والمصدرة لتقنيات التحول المناخي، مضيفاً: تخطو الدولة بثبات نحو تحقيق التميز والريادة بكافة المجالات وتحسن استشراف المستقبل.

خطوات واضحة

من جهتها، قالت أميرة الهاكع الأستاذ المساعد في التخطيط الحضري بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، إن دولة الإمارات استطاعت أن تخطو خطوات واضحة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة. فاستطاعت كل من أبوظبي ودبي أن تحققا مراكز متقدمة في مؤشر المدن المستدامة.

وأضافت، أن الإمارات قادت مبادرات واضحة للتحول إلى هذا النوع من المدن وتعتمد في ذلك على التطور التكنولوجي وتحويل قاعدة اقتصادها من الموارد الطبيعية إلى المعرفة والابتكار والتقنيات المتطورة، لتنويع الاقتصاد بحلول عام 2030.

وأوضحت أن المجهودات الواضحة في أبوظبي مدينة زايد الذكية وهو المشروع الذي سيقوم بإدارة البنية التحتية باستخدام تكنولوجيا المعلومات وإنترنت الأشياء، وتعتبر من أولى المدن الذكية في المنطقة بجانب مدينة مصدر والتي تعد أول مدينة ذكية في المنطقة.

أما على صعيد دبي، أشارت الهاكع إلى أن الإمارة تجاوزت الحدود العالمية بكافة المؤشرات، إذ نجحت في تطبيق استراتيجية التحول إلى مدينة ذكية، وذلك من خلال تحويل الخدمات الحكومية إلى ذكية مع التركيز على قطاعات النقل والبنية التحتية والتخطيط الحضري والكهرباء والاتصالات والخدمات الاقتصادية.

قضية حاسمة

بدوره، أحمد معطي، المحلل الاقتصادي والمدير التنفيذي لشركة «في آى ماركتس»، قال: إن قضية التغير المناخي في العالم تعد حاسمة، حيث إن الآثار العالمية لتغير المناخ كبيرة، حيث تتغير أنماط الطقس التي تهدد الإنتاج الغذائي وارتفاع منسوب مياه البحار التي تزيد خطر الفيضانات.

وأشار معطي، إلى أن التعامل مع تلك التأثيرات مكلف مستقبلاً ما لم يتم اتخاذ إجراءات جذرية، حيث تعهدت العديد من الدول مثل الإمارات والصين والهند ودول الاتحاد الأوروبي بأنها ستعتمد قواعد مشددة فيما يخص الحد من الانبعاثات الكربونية، فيما تبنت العديد من الموانئ الكبرى وخطوط الشحن البحري خطة تهدف إلى جعل النقل البحري خالياً من الانبعاثات الكربونية بحلول 2030.

وأضاف: دولة الإمارات من بين الدول الرائدة وتقود منطقة الشرق الأوسط في مواجهة قضية تغير المناخ، حيث تعمل على تطبيق نهج متكامل بخصوص التصدي لتحدي التغير المناخي وتحقيق التنمية المستدامة والمساهمة في تحفيز الحراك العالمي وتسريع وتيرته لمواجهة هذا التحدي.

بنية قوية

وبدوره، أشار الخبير الاقتصادي علي حمودي أن الإمارات كدولة كان لها السبق أيضاً في مشاركة الشباب لحل تلك المشكلة التي تواجهها دول العالم ولا زالت مستمرة، حيث سمحت لهم بإطلاق منصات استراتيجية لوضع حلول للتغير المناخي والذي يؤثر بالفعل على الاقتصاد والحياة، مشيراً إلى أن الإمارات أصبحت لديها الطاقة الشمسية الكهروضوئية أرخص مصادر للطاقة، حيث بلغت قيمتها نحو 2 سنت لكل كيلوواط خلال فترة النهار مقابل 7 سنتات تقريباً للغاز الطبيعي.

وقف الانبعاثات

في عام 2005، صدّقت دولة الإمارات على بروتوكول كيوتو لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، لتصبح من أول البلدان الرئيسية المنتجة للنفط التي قامت بالتوقيع على الاتفاقية.

وباشرت دولة الإمارات في تنفيذ 14 مشروعاً بغرض الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة تحت مظلة مشاريع آلية التنمية النظيفة، ويقدر إجمالي الانخفاض السنوي المتوقع لهذه المشاريع بحوالي مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.

وبفضل الاستثمار في الطاقة المتجددة، ودورها كبلد مضيف للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا)، تتبوأ دولة الإمارات مركزاً ريادياً في تفعيل مبادرات الطاقة النظيفة.

المنظمات الدولية

وتعتبر دولة الإمارات عضواً مشاركاً في الوكالات والمنظمات الدولية المعنية بشؤون المناخ، منها الوكالة الدولية للطاقة المتجددة-إيرينا، واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، والمجلس العالمي للطاقة، وطاقة مستدامة للجميع، وشبكة حلول التطوير المستدام- مبادرة الأمم المتحدة، ومجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة حول أهداف التنمية المستدامة.

وبفضل التزام الدولة بالاستدامة، افتتحت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا) فرعها الرئيسي الدائم في مدينة مصدر بأبوظبي في يونيو 2015.

وعرضت دولة الإمارات في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 21 المنعقد في ديسمبر 2015 بباريس، خطتها لتوليد 24% من طاقتها الكهربائية من مصادر الطاقة النظيفة بحلول عام 2021.

مؤشرات التنافسية

ووفقاً لتقارير ومؤشرات التنافسية العالمية لعام 2020 استحوذت الإمارات العربية المتحدة على نصيب الصدارة في 8 مؤشرات عالمية تتعلق بالعمل البيئي و19 مؤشراً آخر على المستوى الإقليمي.

وتتضمن تلك المؤشرات التي تبوأت بها الإمارات مكانة عالمية وإقليمية (تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمي الصادر عن المعهد الدولي لتنمية الإدارية «IMD»، ومؤشر الابتكار العالمي الصادر عن معهد إنسياد، وتقرير تنافسية السفر والسياحة، ومؤشر الأداء البيئي الذي يصدر عن جامعة «يال -Yale University»، ومؤشر الازدهار).

وتصدرت الدولة أيضاً التصنيف العالمي في مؤشر القوانين البيئية والذي يختص بقياس تنفيذ مبادرات مستمرة (لإعداد تشريعات جديدة وتحديث التشريعات الحالية بما يتعلق بالبيئة والتغير المناخي).

وفي هذا الإطار تستهدف الإمارات إبقاء القوانين البيئية محدثة وفقاً لأفضل الممارسات ولتغطي كافة الأمور البيئة في الدولة، كما تتأكد من تنفيذ هذه القوانين من خلال التدقيق والتفتيش على كافة قطاعات التنمية التي يمكن أن تؤثر على البيئة بالتنسيق مع السلطات المحلية.

وأيضاً جاءت الإمارات في المركز الأول عالمياً ضمن مؤشر الأداء البيئي في مؤشر «الأراضي الرطبة» الذي يقيس هذا المؤشر مدى فقد أو خسارة مساحات الأراضي الرطبة على مدى 10 سنوات وقد تبوأت الدولة المركز الأول لحفاظها على الأراضي الرطبة التي تمثل إحدى البيئات الغنية بالتنوع البيولوجي في الدولة.

واحتلت الإمارات المركز الأول عالمياً في مؤشر «خدمات النظام الإيكولوجي»، وتتمثل خدماته في المنافع المتعددة التي توفّرها الطبيعة للمجتمع من خلال التنوّع البيولوجي الموجود على مستوى الأنواع والنظم الإيكولوجية وفيما بينها.

وعلى المستوى الإقليمي، تصدرت الإمارات 11 مؤشراً بجانب 8 مؤشرات استحوذت على صدارتهم عالمياً، ومن بين تلك المؤشرات الإقليمية (مؤشر حيوية النظام النظم البيئية، ومؤشر التنوع البيولوجي، مؤشر معالجة مياه الصرف الصحي، وشهادات آيزو 14001 البيئية، ومؤشر تنظيم المبيدات، والمناطق البحرية المحمية).

وإقليمياً، تصدرت الإمارات في مؤشرات مشاكل التلوث الذي يقيس مستوى الانبعاثات التي يتعرض لها سكان الدولة بشكل فعلي، وآثار هذا التعرض على نوعية وطبيعة حياتهم، ومؤشر قلة التعرض لتلوث الجسيمات، ومؤشر التوازن البيئي - مل».

وعلى مدار الـ15 عاماً الماضية، أرست دولة الإمارات لنفسها مكانة رائدة في تشجيع وتبني حلول الطاقة المتجددة، وذلك من خلال استثمارات متعددة في مشاريع كبرى في 30 دولة حول العالم، بينها 3 من أكبر محطات الطاقة الشمسية وأكثرها تنافسية من حيث الكلفة هنا في الدولة.

كما عززت دولة الإمارات ريادتها في المنطقة بالنسبة إلى العديد من تقنيات الطاقة النظيفة، بما في ذلك تقنيات التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه.

استراتيجية طموحة

في ضوء النجاحات التي حققتها الإمارات على صعيد الطاقة، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي في شهر يناير 2017 «استراتيجية الإمارات للطاقة 2050»، وهي أول استراتيجية موحدة للطاقة في الدولة على جانبي الإنتاج والاستهلاك، إذ توازن بين الإنتاج والاستهلاك والالتزامات البيئية العالمية، وتضمن بيئة اقتصادية مريحة للنمو في كافة القطاعات.

وحددت الاستراتيجية حصة أشكال الطاقة التي ينبغي الوصول إليها في عام 2050 على النحو التالي: 44% للطاقة النظيفة، و38% للغاز، و12% للفحم الأخضر و6% للطاقة النووية.

المباني المستدامة

في سبيل سعيها لتعظيم دور المجمعات العمرانية الأكثر استدامة، أطلقت الدولة عدداً من المدن مثل مدينة مصدر، ودبي المستدامة، وأبوظبي المستدامة، والمدينة المستدامة الشارقة، وتعتمد هذه المدن على نهج التصميم العمراني الذكي والفعال، والذي يظهر إمكانية التعامل مع الكثافة السكانية ضمن المجمعات الحضرية على نحو أكثر كفاءة. فالمباني مصممة بحيث ينخفض استهلاك الطاقة والمياه فيها بنسب تصل لنحو 40% مقارنة مع المباني العادية في أبوظبي.

ويعتبر قطاع المباني أكبر مصدر منفرد لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري على المستوى العالمي وفقاً للهيئة الحكومية المعنية بتغير المناخ.

وفي الإمارات، يستحوذ هذا القطاع على أكثر من 70% من جملة استهلاك الطاقة الكهربائية وحوالي 40% من إجمالي المياه، وبالتالي فإن استدامة أنماط الاستهلاك في هذا القطاع تمثل فرصاً لخفض الاستهلاك وخفض الملوثات والانبعاثات والنفايات أكبر منها في أي قطاع منفرد آخر.

عقد من التنمية الخضراء

مضت 9 سنوات على إطلاق استراتيجية الإمارات للتنمية الخضراء، وهي مبادرة وطنية طويلة المدى لبناء اقتصاد أخضر في الدولة تحت شعار «اقتصاد أخضر لتنمية مستدامة»، نجحت من خلالها الدولة في أن تكون رائداً عالمياً في هذا المجال ومركزاً لتصدير وإعادة تصدير المنتجات والتقنيات الخضراء، إضافة إلى الحفاظ على بيئة مستدامة تدعم نمواً اقتصادياً طويل المدى.

وشملت المبادرة مجموعة من البرامج والسياسات في مجالات الطاقة والزراعة والاستثمار والنقل المستدام، إضافة إلى سياسات بيئية وعمرانية جديدة تهدف لرفع جودة الحياة في الدولة.

وركزت الاستراتيجية على مجموعة من البرامج والسياسات الهادفة لتعزيز إنتاج واستخدام الطاقة المتجددة والتقنيات المتعلقة بها، بالإضافة لتشجيع استخدام الوقود النظيف لإنتاج الطاقة والعمل على تطوير معايير وتعزيز كفاءة استهلاك الطاقة في القطاعين الحكومي والخاص.