السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

4 مقومات تجعل دبي مركزاً إقليمياً ودولياً للاقتصاد الإبداعي

أكدت هالة بدري، مدير عام هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة»، أن الاقتصاد الإبداعي (أو ما يسمى عالمياً بالاقتصاد البرتقالي) يمثل أولوية رئيسية ليس في مرحلة التعافي من تداعيات كوفيد-19 فحسب، إنما لعقود قادمة أيضاً، وذلك لما له من ثقل يضاهي ثقل القطاعات الرئيسية الأخرى من حيث القيمة المضافة الإجمالية وعدد الشركات العاملة فيه، مشيرة إلى أن البنية التحتية المتكاملة والناضجة للإمارة تؤهلها كي تكون مركزاً عالمياً جاذباً للاستثمار في الصناعات الإبداعية.



وأضافت: «انطلاقاً من الأهمية المتزايدة التي تكتسبها الصناعات الثقافية والإبداعية، كان دعم الاقتصاد الإبداعي أحد الأولويات القطاعية الرئيسية لخارطة طريق استراتيجية الهيئة. والتزاماً بدورنا الفاعل في تحقيق مستهدفات استراتيجية دبي للاقتصاد الإبداعي التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، شهر أبريل الماضي، طوّرنا برامج ومبادرات رئيسية تشكل الركائز الجوهرية لنمو الصناعات الثقافية والإبداعية في الإمارة وتعزيز مكانتها لتكون مركزاً إقليمياً ودولياً للاقتصاد الإبداعي ضمن منظومة متكاملة تسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة للإمارة. وهذه الجهود تأتي أيضاً كجزء من أجندتنا في السنة الدولية للاقتصاد الإبداعي من أجل التنمية المستدامة 2021 التي أعلنتها الأمم المتحدة، بهدف تعزيز النمو المستدام والشامل، وإبراز دور الإبداع في الاقتصاد».



وأوضحت بدري أن العناصر الأربعة التي ستساهم في نمو الصناعات الثقافية والإبداعية في الإمارة خلال الأشهر القادمة وتعزز مكانتها لتكون مركزاً إقليمياً ودولياً للاقتصاد الإبداعي هي: «تطوير بنية تحتية متكاملة لازدهار نتاج المبدعين والصناعات الثقافية والإبداعية من منتجات وخدمات، وفي هذا الإطار أطلقت الهيئة مشروع تطوير منطقة القوز الإبداعية كمرحلة أولى وهي منطقة إبداعية متكاملة توفر بيئة ريادية ومنظومة شاملة تلبي جميع احتياجات تنمية القطاع الإبداعي في دبي لينافس المدن الأخرى. وسيتم إطلاق مناطق إبداعية أخرى مستقبلاً، وسبل تمويل جديدة ومبتكرة، مثل بناء أدوات مالية مبتكرة وتسهيلات تمويلية توجه الاستثمار إلى الاقتصاد الإبداعي، وتدعم رواد الأعمال المبدعين وتوفر أفضل الأفكار، وإشراك المجتمع الإبداعي، وذلك من خلال تأسيس (شبكة المبدعين في دبي) وهي شبكة من الأفراد والمؤسسات العاملة في منظومة الاقتصاد الإبداعي، لضمان التواصل المستمر مع المجتمع الإبداعي والوقوف على احتياجات نموه وتوحيد الجهود في مسيرة بناء الاقتصاد الإبداعي، فضلاً عن إطار تصنيف اقتصادي متكامل، وذلك من خلال (نبض دبي الإبداعي)، تصنيف وإطار قياس أداء الاقتصاد الإبداعي الرامي إلى تعزيز الاقتصاد الإبداعي الهادف لخلق نظام ديناميكي يمكّن دبي من جس نبضها الإبداعي من خلال اعتماد مقاييس وبيانات شاملة ترصد صحة القطاع بمعايير عالمية. وتُعتبر الدراسة الإحصائية لواقع أداء الصناعات الإبداعية في الإمارة خلال عامي 2018 و2019 التي تم إجراؤها بالتعاون مع مركز دبي للإحصاء أولى ثمرات هذه المبادرة، فضلاً عن كونها الأولى من نوعها التي تم إطلاقها على مستوى الدولة».



وأكدت بدري أن «دبي للثقافة» لديها استراتيجية واضحة لدعم الاقتصاد الإبداعي وإيجاد منظومة متكاملة مدعومة بمحفزات وبرامج تمويلية بمشاركة شركائها في القطاعين الخاص والعام، لتشجيع الصناعات الثقافية والإبداعية وتلبية متطلبات المبدعين من جميع أنحاء العالم، وتوفير فرص عمل مزدهرة تساهم بشكل متصاعد في الناتج المحلي للإمارة.



وأضافت بدري أنه بعد تحليل نتائج الدراسة تبيّن أن أداء القطاع يتصاعد بشكل صحي وإيجابي، حيث ارتفعت مساهمة الصناعات الثقافية والإبداعية في الناتج المحلي للإمارة من 2.6% في عام 2018 إلى 2.7% في 2019، وهو الأمر الذي يؤكد الاهتمام المتواصل الذي توليه دبي بقيادتها الرشيدة للنهوض بهذا القطاع الحيوي في تشكيل ملامح اقتصاد المستقبل القائم على المعرفة، كما ينسجم ذلك تماماً مع الجهود المبذولة في سبيل تنويع الاقتصاد ومصادر الدخل وخلق قطاعات اقتصادية جديدة وواعدة.



وأوضحت هالة بدري أن الاقتصاد الإبداعي يغطي طيفاً من الأنشطة الاقتصادية القائمة على المعرفة التي تشكل العمود الفقري للصناعات الثقافية والإبداعية والتي لها أثر في المنظومة الاقتصادية بشكل عام، وتضم 6 قطاعات رئيسية، تشمل التراث الطبيعي والثقافي، والكتب والصحافة، وفنون الأداء والاحتفالات، والإعلام المسموع والمرئي والتفاعلي، والفنون البصرية والحرف، والتصميم والخدمات الإبداعية؛ إضافةً إلى المجالات الأخرى التي تتفرع عنها، مثل صناعة النشر والكتب والإعلام المرئي والمسموع والمطبوع، مروراً بالسينما، والأفلام والفيديو والموسيقى، والفنون بأنواعها ومتاحف التراث الثقافي والمواقع التاريخية والأرشفة والأحداث الثقافية الكبرى والمكتبات وغيرها من القطاعات الفرعية والمجالات التابعة لها.



وأشارت هالة بدري إلى أن استراتيجية دبي للاقتصاد الإبداعي التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، تهدف إلى زيادة عدد الشركات والمؤسسات الإبداعية والثقافية إلى 15000 شركة، توفر 140 ألف وظيفة في قطاعات الاقتصاد الإبداعي المختلفة، وذلك بحلول عام 2026، ومساهمة الاقتصاد الإبداعي في 5% من الناتج المحلي الإجمالي للإمارة مع تسهيلات منح الفيزا الثقافية طويلة الأمد للمبدعين الذين يرغبون لتأسيس أعمالهم في دبي.



ونوّهت بدري إلى أن منظومة الصناعات الثقافية والإبداعية تقوم على سلسلة قيمية تتكون من 4 عناصر هي: «الابتكار، والإنتاج، والتوزيع، وقنوات النفاذ للمنتجات والخدمات الناتجة هذا القطاع»، قائلة: «إن تعزيز قوة كل عنصر من هذه العناصر يساهم بشكل فاعل في استدامة القطاع والأثر الاجتماعي الإيجابي الناتج عنه»، مؤكدة أن «دبي للثقافة»، تكثف جهودها بالتعاون والتكامل مع شركائها على المستوى المحلي والدولي لتعزيز صحة القطاع الثقافي والإبداعي في الإمارة، يتم ذلك من خلال تفعيل المشاريع والمبادرات والشراكات الرئيسية، وتطوير الاستراتيجيات الرامية إلى الارتقاء بجاذبية الإمارة لضمان استدامة أعمال المبدعين ضمن هذا القطاع بالإمارة، إضافة لاستقطاب المواهب المطلوبة ضمن قطاع الصناعات الإبداعية وتحفيزها على تأسيس أعمالها في دبي، ولعب دور الممكن من خلال فتح أسواق مستهلكة للمنتج الإبداعي للإمارة ضمن جهود الهيئة في إطار الدبلوماسية الثقافية ما يشكل محركاً لتلك العناصر الأربعة التي تشكل السلسلة القيمية للصناعات الإبداعية.



وقالت بدري: «لقد كان لجائحة كوفيد-19، التي ما زال العالم يشهد تداعياتها، أثر كبير على القطاع الثقافي والإبداعي حول العالم. إلا أن هذه الجائحة، رغم ذلك، كشفت عن أهمية هذا القطاع فقد أضحى الفن والموسيقى والمادة المصورة والمكتوبة ملجأً للناس حول العالم خلال مرحلة الحجر. كما وجدت المتاحف طرقاً إبداعية لمشاركة المحتوى الثقافي مع الناس في المنزل. وجلب الموسيقيون الراحة النفسية للناس عبر الإنترنت أو من شرفات منازلهم. وتشهد قطاعات الصناعات الإبداعية بالإمارة استجابة للتعافي بفضل الجهود التي بذلتها، وتبذلها، القيادة الرشيدة في دعم مبدعيها. وقد قادت سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم الحراك الثقافي بإمارة دبي للوقوف على طبيعة التحديات التي يواجهها هذا القطاع، واستكشاف سبل التعاون للمضي نحو آفاق أوسع من النمو، وبلورة حلول مبتكرة تسهم في استدامته. وكانت دبي من أوائل المدن في العالم التي أعادت فتح الفعاليات الثقافية والإبداعية بشكل فعلي وليس رقمي، تسريعاً لوتيرة تعافي القطاع عبر منصات تفاعلية مثل أسبوع دبي للتصميم ومهرجان طيران الإمارات للآداب، وغيرها».



وأشارت مدير عام «دبي للثقافة» إلى أن الهيئة تدرك تماماً أهمية الصناعات الثقافية والإبداعية التي باتت تشكّل إحدى أسرع الصناعات نمواً على مستوى العالم، بحسب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، فضلاً عن الكثير من التقارير العالمية الأخرى التي سلطت الضوء على مساهمة تلك الصناعات في الاقتصادات الوطنية.



وتُظهر بيانات ونتائج الدراسة بشكل واضح وجلي نجاح استراتيجية دبي في استقطاب رؤوس الأموال الإبداعية والمهارات ورواد الأعمال المبدعين، إذ زاد عدد المؤسسات الربحية العاملة في الصناعات الإبداعية والثقافية من 8.352 شركة في عام 2018 إلى 9.772 شركة في عام 2019، والتي بدورها ساهمت في توفير فرص عمل في هذا القطاع لعدد 69.341 موظفاً في عام 2018 و75.998 موظفاً في 2019، بنمو يصل إلى 9.6%.



بدورها، بلغ عدد الشركات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة العاملة في الصناعات الإبداعية 9.749 شركة في عام 2019، أي أكثر من 99% من إجمالي عدد الشركات العاملة في هذا القطاع، وهذا مؤشر على صحة توجّه الهيئة الاستراتيجي تجاه دعم رواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب تأكيده على الجاذبية وبيئة العمل النوعية التي توفرها الإمارة لرواد الأعمال المبدعين، وبالتالي قدرة الإمارة على استقطاب هذه المهارات، والتي سيكون لها دور بارز في دعم الإنتاج المحلي للاقتصاد الإبداعي في دبي ودولة الإمارات العربية المتحدة، كما سيكون لاستراتيجية دبي للاقتصاد الإبداعي وتطوير منطقة القوز الإبداعية كمرحلة أولى وإطلاق مناطق إبداعية متكاملة أخرى بالإمارة خلال السنوات القادمة أكبر الأثر في دعم وتعزيز صحة أداء القطاع واستقطاب المزيد من الشركات الإبداعية ورواد الأعمال ورؤوس الأموال العاملة في هذا المجال، وبالتالي تحقيق الأهداف الاستراتيجية الرامية إلى جعل الإمارة مركزاً عالمياً للثقافة وحاضنةً للإبداع، وملتقىً للمواهب من مختلف أنحاء العالم وفي شتى مجالات الإبداع.



أما بالنسبة للإنتاج، فأشارت بدري إلى أن عام 2019 شهد زيادة في الإنتاج، أي في قيمة المنتجات النهائية من السلع والخدمات المنتجة من قبل المنشآت الثقافية لكي تصبح متاحة للاستخدام خارج المنشأة، بالإضافة إلى السلع والخدمات التي يتم إنتاجها لأغراض الاستخدام الذاتي، ليصل إلى 22.251.867.968 درهماً، مقارنة بـ20.836.654.001 درهم في عام 2018، حيث كانت الحصة الأكبر لقطاع خدمات التصميم والإبداع بناتج قدره 15.624.679.843 في عام 2019، مقارنةً بـ14.031.645.713 درهماً في 2018.



وبتحليل بيانات القيمة المضافة والاستهلاك، تبين أن قطاع الكتب والصحافة كان أكثر المجالات الإبداعية الواعدة بنسبة وصلت إلى حوالي 48% بين القيمتين، وهو ما يشير إلى صحة أداء هذا القطاع الواعد وضرورة الاهتمام بالاستثمار فيه والعمل على تعزيزه. ومع إطلاق استراتيجية دبي الاقتصاد الإبداعي تحرص الهيئة على الحفاظ على صحة الاقتصاد الإبداعي وبالأخص خلال مرحلة التعافي من الجائحة ليستمر في تحقيق نمو متواصل على مدار السنوات القادمة، وذلك بفضل الشمولية التي تميّزت بها الاستراتيجية، إلى جانب التسهيلات التي باتت توفرها إمارة دبي لكل قطاعات الاقتصاد الإبداعي، انطلاقاً من إيمان قيادتها الرشيدة بضرورة التوجه ودعم هذه الصناعات لما لها من مستقبل مشرق ودور مهم في رسم وتشكيل ملامح اقتصاد المستقبل على نطاق واسع.