الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

الإمارات من أكثر 10 دول تأثراً بـ«الوفيات المرتبطة بتناول اللحوم»

الإمارات من أكثر 10 دول تأثراً بـ«الوفيات المرتبطة بتناول اللحوم»

يرتبط الارتفاع العالمي في تجارة اللحوم الحمراء والمعالجة على مدى الثلاثين عاماً الماضية بزيادة حادة في اعتلال الصحة المرتبطة بالنظام الغذائي.

وقالت الدراسة المنشورة في دورية «بي إم جي» إن تأثير تلك المشكلة يرتفع في شمال وشرق أوروبا والدول الجزرية في منطقة البحر الكاريبي وأوقيانوسيا.

وجاء في الدراسة أن الإمارات العربية المتحدة من ضمن أكثر 10 دول تأثراً بالوفيات المرتبطة باللحوم؛ رغم تراجع مركزها من المركز الثاني في عام 1993 إلى المركز السادس في عام 2018.

وقال الباحثون إنه يجب دمج السياسات الصحية مع السياسات الزراعية والتجارية بين الدول المستوردة والمصدرة على وجه السرعة، لدرء المزيد من التكاليف الشخصية والمجتمعية.

فقدان التنوع البيولوجي

مع التوسع الحضري المستمر ونمو الدخل، ارتفعت تجارة اللحوم الحمراء والمعالجة العالمية بشكل كبير لتلبية الطلب. وتقول الدراسة إن هذا الاتجاه له آثار على البيئة أيضاً بسبب تأثيره على استخدام الأراضي وفقدان التنوع البيولوجي.

ويرتبط ارتفاع استهلاك اللحوم الحمراء والمعالجة بزيادة مخاطر الإصابة بالأمراض غير المعدية، وخاصة سرطان الأمعاء والسكري وأمراض القلب والشرايين التاجية.

في الدراسة الجديدة؛ أراد الباحثون معرفة التأثير الذي قد تحدثه تجارة اللحوم الحمراء والمعالجة على اتجاهات الأمراض غير المعدية المرتبطة بالنظام الغذائي والبلدان التي قد تكون معرضة للخطر بشكل خاص.

واعتمد الباحثون على بيانات حول إنتاج اللحوم وتجارتها من منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) من 1993 إلى 2018 لـ154 دولة، مع التركيز على 14 عنصراً من اللحوم الحمراء المشتقة من لحوم البقر ولحم الخنزير ولحم الضأن والماعز، وستة أنواع من لحوم البقر ولحم الخنزير المُصنَّعة، بشكل أساسي؛ اللحوم المحفوظة عن طريق التدخين أو التمليح أو المعالجة أو المواد الكيميائية.

ثم قاموا بحساب نسب الوفيات وسنوات العمر التي يعيشها المصابون بالمرض التي تُعزى إلى النظام الغذائي نتيجة لسرطان الأمعاء والسكري من النوع 2 وأمراض القلب في الشريان التاجي بين أولئك الذين تبلغ أعمارهم 25 عاماً وأكثر في كل بلد.

تجارة عالمية

زادت التجارة العالمية في اللحوم الحمراء والمعالجة بأكثر من 148% من 10 أطنان مترية في 1993 إلى ما يقرب من 25 طناً مترياً في 2016.

بينما انخفض عدد البلدان المصدرة من 33 في 1993 إلى 26 في 2016، وارتفع عدد البلدان المستوردة من 121 إلى 128.

صادرات اللحوم

شكلت البلدان المتقدمة في أوروبا نصف إجمالي صادرات اللحوم الحمراء والمعالجة بين عامي 1993 و2016. فيما شكلت البلدان النامية في أمريكا الجنوبية، مثل البرازيل والأرجنتين وباراغواي ما يقرب من 10% في عام 2016 ارتفاعاً من نحو 5% في 1993.

كما زادت البلدان النامية وارداتها من اللحوم بنسبة 342.5% من (2 طن متري) في 1993 إلى ما يقرب من 9 أطنان مترية في 2016؛ وضاعفت البلدان المتقدمة إنتاجها من 8 أطنان مترية إلى 16 أطناناً.

ارتفعت معدلات الوفيات المنسوبة إلى النظام الغذائي ومعدلات «سنوات عمر المرض» المرتبطة بتجارة اللحوم العالمية في ثلاثة أرباع 154 دولة بين عامي 1993 و2015 و2016-2018.

في جميع أنحاء العالم، قدر الباحثون أن الزيادات في استهلاك اللحوم الحمراء والمعالجة، بالتوازي مع الزيادات في التجارة، شكلت زيادة في نسبة الوفيات قدرها 75% بين عامي 1993 و2016.

كما ساهمت التجارة العالمية في اللحوم في زيادة بنسبة 55% و71% على التوالي في الوفيات المرتبطة بتناول اللحوم في الدول المتقدمة.

الدراسة ليست صادمة

لم يكن ممكناً نشر هذه الدراسة من مصادرها العلمية العالمية، دون الحصول على رد يتعلق بما جاء فيها، وخاصة أن اسم الإمارات أتى من بين أكثر 10 دول تعاني من الوفيات المرتبطة بتناول اللحوم الحمراء، حيث أكد استشاري طب الأسرة في مستشفى فقيه الجامعي بدبي الدكتور عادل سعيد سجواني، بأن نتيجة هذه الدراسة ليست صادمة، لأن هنالك الكثير من الأبحاث السابقة في الإمارات، تفيد بأنها من الدول التي لديها معدلات أمراض قلب عالية، ونسبة الوفيات بأمراض القلب ثاني سبب للوفاة.

وبين أن هنالك دراسات كثيرة ربطت تناول اللحوم بتزايد عدد الوفيات نتيجة لأمراض كثيرة، خاصة أن تناول اللحوم الحمراء مع قلة النشاط الحركي، يرفع نسبة الكوليسترول في الجسم بمعدلات كبيرة، وهذا يؤدي إلى زيادة عوامل الخطر المرتبطة بأمراض القلب، مثل الجلطات والسكتات القلبية المؤدية إلى زيادة نسبة الوفيات.

وكشف الدكتور سجواني أن سبب الوفيات الرئيسي في الدولة بعد الحوادث المرورية، هو أمراض القلب، مضيفاً أن هنالك لحوماً تتم معالجتها مثل النقانق، والمرتديلا، وثبت أنها ترفع نسبة المسرطنات في الجسم، وتزيد من ارتفاع حمض اليوريك أسيد المؤدي إلى النقرص، وآلام المفاصل، وغيرها من الأمراض.

وتوجه الدكتور سجواني بالنصيحة للجميع، قائلاً إننا بحاجة إلى تعديل نمط التغذية من خلال التقليل من تناول اللحوم وزيادة نسبة الخضراوات والفاكهة في الوجبات. إضافة إلى زيادة مضادات الأكسدة وممارسة النشاطات الرياضية، وأضاف: «على سبيل المثال يجب أن يتم وضع ما تحتويه الأطعمة من السعرات الحرارية في المطاعم التي تقدم وجبات سريعة حتى يراها الزبائن للحفاظ على صحتهم، وشدد على ضرورة دعم الفحوصات المبكرة لمن هم فوق عمر 21 عاماً، عبر إجراء تحاليل مبكرة تتعلق بالكوليسترول والدهون الثلاثية كونها تزيد من عوامل الخطورة عند البالغين نتيجة التغذية السيئة».

زيادة الطلب

كانت الأرقام المكافئة لأعداد الوفيات والمرض في البلدان النامية أعلى بشكل ملحوظ؛ إذ قدرت الزيادة بنسبة 137% و140% على التوالي، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى زيادة الطلب على اللحوم، مدفوعة بالتوسع الحضري السريع ونمو الدخل، كما يشير الباحثون.

بين عامي 1993 و2018، أصبحت الدول الجزرية في منطقة البحر الكاريبي وبلدان شمال وشرق أوروبا معرضة بشكل خاص للأمراض المرتبطة بالنظام الغذائي والوفيات المرتبطة باستيراد اللحوم بكميات كبيرة.

تمتلك الدول الجزرية أراضي محدودة لإنتاج اللحوم، لذا فهي تعتمد بشكل كبير على واردات اللحوم. واستفادت العديد من الدول الأوروبية، مثل سلوفاكيا وليتوانيا ولاتفيا، من اتفاقيات التجارة الإقليمية والإعفاءات الجمركية بعد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في 2003 ما أدى إلى تسريع استيراد اللحوم وهو الأمر الذي ارتبط بزيادة نسب الوفيات والمرضى.

في 1993؛ كانت البلدان العشرة الأولى التي سجلت أعلى نسبة من الوفيات التي تُعزى إلى استهلاك اللحوم الحمراء هي مملكة تونغا والإمارات العربية المتحدة وبربادوس وفيجي والغابون وجزر الباهاما واليونان ومالطا وبروناي وسانت لوسيا.

في الفترة من 2016 إلى 2018، احتلت المراكز العشرة الأولى كل من هولندا، وجزر الباهاما، وتونغا، والدنمارك، وأنتيغوا وبربودا، وسيشيل، والإمارات العربية المتحدة، وسنغافورة، وكرواتيا، واليونان.

وشكلت تجارة اللحوم في هذه البلدان أكثر من 7% من جميع الوفيات التي تُعزى إلى النظم الغذائية المرتفعة في كل من اللحوم الحمراء والمعالجة في 2016-2018.

معدلات الوفيات

وانخفضت معدلات الوفيات المنسوبة المرتبطة بالتجارة العالمية في اللحوم في 34 دولة بين 1993 و2015 و2016-18. لكن هذا يرجع جزئياً إلى النمو السكاني الذي تجاوز الزيادات في واردات اللحوم في 24 دولة، بينما زاد الإنتاج المحلي من اللحوم في 19 دولة.

في أكثر من نصف هذه البلدان (20)، ارتفع العدد المطلق للوفيات المرتبطة بالنظام الغذائي جنباً إلى جنب مع زيادة استهلاك اللحوم بين عامي 1993 و2015 و2016-2018.

وبعض البلدان، بما في ذلك البرازيل وباراغواي والأرجنتين وألمانيا عملت بشكل متزايد كمصدرين للحوم، ما أدى إلى تغيير استخدامات الأراضي، وفقدان التنوع البيولوجي.

وتُظهر هذه الدراسة أن الزيادات العالمية في تجارة اللحوم الحمراء والمعالجة تسهم في الزيادة المفاجئة في الأمراض غير المعدية المرتبطة بالنظام الغذائي. ويقول الباحثون إن التدخلات المستقبلية تحتاج إلى دمج السياسات الصحية بشكل عاجل مع السياسات الزراعية والتجارية من خلال التعاون بين البلدان المصدّرة والمستوردة المسؤولة.