الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

قطاع الطاقة الإماراتي.. نموذج عالمي يجمع بين «الأحفورية والنظيفة»

شهد قطاع الطاقة على مدار العقود الخمسة المنقضية، منذ تأسيس دولة الاتحاد حتى بداية العقد الحالي، تجربة نموذجية تُحتذى، في الاستفادة المثلى من المقومات الطبيعية للدولة، وتطويعها في مسيرة طويلة الأجل استطاعت بها القفز في مرحلة وجيزة من الزمن إلى مصاف اللاعبين الرئيسيين على خارطة الطاقة عالمياً في مزيج فريد من الطاقة الأحفورية والمستدامة النظيفة، جعل الإمارات ضمن العشرة الكبار لإنتاج النفط والغاز وفي الصدارة إقليمياً على صعيد الطاقة المتجددة والنظيفة.

رحلة ذات محطات مختلفة ونقلات نوعية استراتيجية حققتها الدولة من خطواتها الأولية من قبل قيام الاتحاد والتي بدأتها عام 1935 بأول مسح جيولوجي في إمارة أبوظبي ثم الخطوة الثانية بعد ذلك بأربع سنوات، وتحديداً في عام 1939 بتوقيع أول اتفاقية امتياز للتنقيب، لتستمر تلك المرحلة حتى عام 1958، حيث تحقق الحلم باكتشاف النفط فعلياً في الحقول البحرية، تحديداً في حقل «باب»، ثم تصدير أول شحنة نفط خام بعد ذلك بأربع سنوات أخرى، وذلك عبر خط الأنابيب الواصل حتى محطة التصدير في جزيرة داس؛ حيث توالت بعد ذلك اكتشاف العديد من الحقول ومنها «بوحصا» و«بدع» و«عصب» و«شاه».

اكتشاف النفط

وأسهم بدء الإنتاج الفعلي من أبوظبي وتعزيز وجود الإمارات على خارطة مصدر الطاقة الجديد عالمياً، في تعزيز حركة البحث والاكتشاف داخل الدولة، ليتم بعد ذلك بسنوات وتحديداً في 1966 اكتشاف النفط في إمارة «دبي»، تحديداً في حقل الفاتح، ليتم التصدير مباشرة بعد أقل من عام.

عقب ذلك التاريخ كانت النقلة النوعية في تاريخ قطاع الطاقة الإماراتي مع قيام دولة الاتحاد عام 1971؛ حيث تم تأسيس شركة بتروك أبوظبي الوطنية «أدنوك» لتصبح اللاعب الرئيسي على صعيد قطاع النفط والغاز في الإمارات، ويتوالى تأسيس شركاتها الفرعية بانطلاق شركتَي أدنوك للتوزيع، لتتولى تأسيس البنية التحتية لسوق الوقود المحلي ثم شركة الغاز المسال لتعزيز الاحتياجات المحلية، وذلك في 1972، والذي لم يمر سوى بالإعلان أيضاً عن توسع اكتشافات النفط في الدولة تلك المرة بإمارة الشارقة


في عام 1982، كان الموعد مع إنشاء مصفاة أخرى لتكرير الخام محلياً بإطلاق مصفاة الرويس، حيث افتتح المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، المرحلة الأولى منها مصفاة الرويس شرق لتكرير ما يقارب 140000 برميل من النفط الخام في اليوم الواحد، و280000 برميل من المكثفات بما عزز الإنتاج المحلي الغاز النفطي المسال، والبنزين الخالي من الرصاص، والديزل، ووقود الطائرات وغيرها.


وشهد نفس العام خطوة جديدة، بتشغيل مصنع حبشان وباب لمعالجة الغاز والذي يعد بمثابة مصدر أساسي لتوليد الطاقة في الإمارات، فيما تم في منتصف التسعينيات وتحديداً في 1996، بعملية توسعات بإضافة محطة حبشان 1 ثم تتوالى الإضافات بمحطات حبشان 2 في عام 2001 و3 و4 في 2009 ثم حبشان 5 في 2013.

اكتشافات جديدة

وشهدت الأعوام القليلة الماضية، تغيراً واضحاً في استراتيجية الدولة في قطاع النفط والغاز من خلال رؤية مستحدثة تستهدف الاستغلال الأمثل للموارد، وتعزيز الشراكات الاستثمارية التي تعظم عوائد القطاع، وتفتح مجالات جديدة من التطوير ونقل الخبرات العالمية، وأعلنت الدولة عن اكتشافات جديدة كان أولها مع بداية العام مع الإعلان عن كشف عالمي في قطاع الغاز في منطقة جبل علي يوفر حوالي 8 تريليونات قدم من الغاز، في الوقت ذاته وصل إجمالي الاكتشافات الجديدة في قطاع النفط حوالي 22 مليار برميل، وبلغ حجم الزيادة في الاحتياطي أكثر من مليارَي برميل.

وقادت أدنوك عمليات التطوير الكبرى في قطاع النفط والغاز من خلال جذب شراكات استثمارية زادت التدفقات الاستثمارية في القطاع المحلي بحوالي 237 مليار درهم خلال السنوات الأربعة الماضية، وبحصة بلغت 47 ملياراً في عام 2020 بمفرده.

وبينما حققت الإمارات مكانتها الريادية كأحد أكبر اللاعبين على خارطة النفط والغاز عالمياً، كانت رؤيتها الرشيدة نحو مستقبل الطاقة بمثابة نقطة تحول نحو تنويع مصادر الطاقة والرغبة في استحداث مصادر مستدامة تعزز تطور ونمو الدولة وتلبية احتياجاتها على المستقبل البعيد.

وكان ميعادها هذه المرة عند الإعلان التاريخي مع بداية العقد المنقضي ومنذ أكثر من 8 سنوات عن إطلاق مشروعها الرائد إقليمياً، لتطويع الطاقة النووية السلمية في توليد الكهرباء مقابل ذلك، حيث رصدت استثمارات ناهزت 22 مليار دولار في المشروع الذي يضم 4 مفاعلات من الجيل الثالث والمفاعلات المتقدمة تلبي أعلى معايير السلامة الدولية مع فترة تشغيل تصل إلى 60 عاماً، فيما تستهدف توليد 5600 ميجاوات من الكهرباء عبر المفاعلات الأربعة عند اكتمال تشغيلها لتحقق حصة 25% من إجمالي الطاقة الكهربائية في الدولة مع الحد من حوالي 21 مليون طن من إجمالي الانبعاثات الكربونية المتولدة عن طريق إنتاج الكهرباء بالطرق الاعتيادية سنوياً، تلك الخطوة التي توجتها في شهر أبريل من العام الجاري بالتشغيل التجاري لأول المفاعلات، ثم دخول المفاعل الثاني مرحلة الاختبارات؛ تأهباً للتشغيل في الفترة القريبة المقبلة.

طاقة نظيفة

وشهد العقد المنقضي أيضاً استثمار الإمارات بشكل عام أكثر من 44 مليار درهم في مشاريع الطاقة المتجددة وبمقدمتها الطاقة الشمسية، وذلك عبر 49 مشروعاً رئيسياً على خارطة الطاقة المتجددة محلياً، حيث تعزز تلك المشاريع بلوغ حصة الإمارات 68% من القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة في الخليج، وتواصل الدولة حالياً تطوير عدد من المشاريع العالمية على صعيد الطاقة الشمسية تسهم بشكل واضح في تحقيق استراتيجية المطلوبة.

فإلى جانب المشاريع القائمة، ومنها محطة شمس ونور أبوظبي، فهناك محطة الظفرة والتي تعد أكبر المحطات على الصعيد العالمي إلى جانب المشروع العملاق مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية والذي تكمل مراحله الخمس عمليات الإنشاء والتشغيل بحلول عام 2030.