الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

«قانون الوكالات التجارية» يعزز جاذبية الإمارات للاستثمار ويخفض أسعار السلع

«قانون الوكالات التجارية» يعزز جاذبية الإمارات للاستثمار ويخفض أسعار السلع

بدأت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية والصناعية في المجلس الوطني الاتحادي، أمس، أولى جلسات مناقشة مشروع قانون اتحادي بشأن تنظيم الوكالات التجارية في الدولة بالتعاون مع وزارة الاقتصاد.

وناقشت اللجنة برئاسة الدكتور طارق حميد الطاير، بعض مواد مشروع القانون الذي يتضمن 27 مادة، ويهدف إلى تحديث الأحكام الناظمة لنشاط الوكالات التجارية في الدولة وتعزيز دور النشاط الحيوي في دعم الاقتصاد الوطني بصورة مستدامة ومواكبة التوجهات الاقتصادية التي تتبناها الدولة، ولا سيما في مجال تشجيع الاستثمار وتعزيز الشفافية وسلامة توازن العلاقة بين الوكيل والموكل.

من جانبها، أعلنت وزارة الاقتصاد أن مشروع قانون الوكالات التجارية الجديد ما زال في مراحل دورته التشريعية حسب الآلية المتبعة بالدولة لإصدار واعتماد القوانين، وأنه ما زال من السابق لأوانه إعطاء تفاصيل حول مشروع القانون والخوض في تعديلاته، حيث تم تحويله أخيراً من مجلس الوزراء إلى المجلس الوطني الاتحادي، وستتم مناقشته ويمكن أن يخضع لمزيد من التعديلات والتحسينات بالتعاون بين اللجان المختصة في المجلس الوطني والجهات الحكومية المعنية.

وأكد مصدر في اللجنة المالية في المجلس الوطني الاتحادي لـ«الرؤية» أن مشروع القانون، الذي أعدته الحكومة ممثلة في وزارة الاقتصاد، سيناقش بشكل مفصل مع كل الأطراف ذات العلاقة، بما فيها الحكومة والوكالات التجارية خلال الأسابيع المقبلة، للوصول إلى توافق على القانون قبل إقراره.

من جانبهم، أفاد اقتصاديون بأهمية وجود قانون اتحادي يؤسس لنمو الوكالات التجارية في الدولة وزيادة تنافسيتها، بهدف جذب المزيد من الاستثمارات، وتعزيز الشفافية وإضفاء مزيد من التوازن على العلاقة بين الوكيل والموكل، مشيرين إلى أهمية التوفيق بين تعاقدات الوكالات التجارية، التي تملكها الشركات العائلية، والنهج الاقتصادي التنافسي الذي تنتهجه الدولة.

وأوضحوا أن الشركات العائلية التي تمتلك كبريات الوكالات التجارية استطاعت أن تؤسس لنمو اقتصادي دام عقوداً طويلة مع وجود استثمارات ضخمة في البنية التحتية، لكنه لم يعد يتلاءم مع نهج الانفتاح الاقتصادي الذي تتبناه الدولة، إذ إنه يضر بالمنافسة ويبقي الأسعار تحت سيطرة الوكيل، ما يجعلها أحياناً خارج متناول شريحة كبيرة من المستهلكين.

وتشير الإحصاءات إلى أن 25 مؤسسة إماراتية تصدرت قائمة «فوربس الشرق الأوسط» لأقوى 100 شركة عائلية عربية 2021، إذ جاءت الإمارات بالمرتبة الثانية، فيما جاءت السعودية في المرتبة الأولى برصيد 36 شركة، وحلت الكويت ثالثاً بـ7 شركات.

استثمارات ضخمة

ورأى المحامي الدكتور حبيب الملا، أن الوكلاء المحليين ضخوا استثمارات كبيرة في هذه الوكالات، ما يجعلهم يطالبون بمنحهم بضع سنوات لإيجاد نموذج أفضل مع الشركات الأجنبية أو للحصول على عائد من استثماراتهم.

وأوضح أن البعض يعتقد أن إعادة النظر في طبيعة عمل الوكالات التجارية في إطار مشروع القانون، سيؤدي إلى انخفاض السلع لدى الوكالات التجارية، وهو اعتقاد خاطئ لأن الشركات الأجنبية تفضل أن تتعامل مع موزع أو جهة واحدة سواء كان تسميته وكيلاً أو موزعاً، ما يعني أن الوكيل سيكون واحداً، سواء كان القديم أو اختيار وكيل آخر.

واقترح الملا أن يعطي الوكالات التجارية القائمة مهلة بضع سنوات للملمة استثماراتهم في السوق، سواء في البنية التحتية من معارض وورش أو تدريب وغيرها، وفي تلك الحالة إما أن يصلوا مع الموكلين لصيغ جديدة للتعاقد، أو يستردوا جزءاً من استثماراتهم.

ولفت الملا إلى احتمال دخول البيوت التجارية في المنطقة، التي تمتلك الوكالات ذاتها في بلدانها، السوق الإماراتي في حال إنهاء التعاقد مع الوكيل المحلي، إلا أن الأمر سيكون صعباً بالنسبة للوكلاء المحليين لدخول أسواق مناظرة بسبب عدم وجود التشريعات المناظرة مثل مشروع قانون الوكالات التجارية الجديد.

واستبعد الملا نظرية أن يحل الموكلون محل وكلائهم في الدولة في الفترة المقبلة- حال إقرار مشروع قانون الوكالات التجارية- بسبب انشغالهم بأمور تصنيعية وتسويقية أهم من التوزيع في بلدان العالم.

قانون ملزم

بدوره، طالب رئيس مجلس إدارة مجموعة مشاريع العتيبة، عتيبة سعيد العتيبة، بقانون اتحادي ملزم ينظم عمل وانتقال ملكية الشركات العائلية، التي تمتلك الكثير من الوكالات التجارية، ولا سيما للجيل الثاني والثالث من أفراد الشركات العائلية وينظم عملها خلال تعاقب الأجيال، مشيراً إلى أن الدراسات تؤكد تعثر الانتقال السلس لملكية تلك الشركات للجيل الثاني وبنسب أكبر إلى الجيل الثالث، وتفيد الإحصاءات العالمية إلى أن أقل من 30% من الشركات العائلية في العالم، تستمر بعد الجيل الثاني.

وبين العتيبة أنه على الرغم من أن الشركات العائلية في الإمارات قوية ولها سمعة كبيرة منذ عقود طويلة، ولا تزال تحافظ عليها، فإنها تحتاج إلى الكثير من التنظيم والحوكمة في إدارتها، ولا سيما في قضايا الميراث، إذ إن بعض هذه الشركات تواجه تحدياً كبيراً، يتمثل في استمرار إدارتها بكفاءة عالية بعد وفاة مؤسسها، لأن نشوب خلافات بين الورثة في بعض الأحيان يؤثر بشدة في مستقبل هذه الشركات.

وبيّن العتيبة أن امتلاك الشركات العائلية لوكالات تجارية ليس لها تأثير على ضعف المنافسة في الأسواق، بل على العكس، فإن هذا النوع من الشركات يزيد تنافسية السوق، ولا سيما أنها تمتلك بنية تحتية وخبرات تمتد لعقود طويلة.

البحث عن توازن

إلى ذلك، أكد مصدر مسؤول في إحدى الشركات العائلية في الإمارات، أن مسودة القانون عرضت على عدد من الفعاليات الاقتصادية، بما في ذلك غرف التجارة ومجتمع الأعمال، ولا يزال الموضوع محل نقاش إيجابي وبناء بين الحكومة والوكلاء التجاريين للوصول إلى أرضية مشتركة.

وأوضح المصدر أن الحكومة لديها وجهات نظر جديرة بالأخذ بالاعتبار، منها تشجيع التجارة وزيادة استثمارات الشركات الأجنبية، وإعادة التوازن للعلاقة الاقتصادية بين الوكيل والموكل، وتخفيض عدد النزاعات.

وفي المقابل، يرى وكلاء تجاريون أنهم استثمروا في البنية التحتية للوكالات التجارية من معارض ومنشآت وصيانة وتوظيف وتسويق، ويتخوفون من أن يكبدهم انتهاء عقد الوكالة التجارية خسائر فادحة.

وترى شركات عائلية أنها أسهمت على مدار عقود في النمو الاقتصادي للدولة من خلال إعادة تدوير رأس المال في الاقتصاد الوطني ودعم التوطين، وتشجيع الخدمات المساندة ودفع الرسوم والضرائب، وإبقاء الأرباح في الدولة وتعزيز الناتج المحلي الإجمالي.

وأكد المصدر أن القانون يستهدف حماية حقوق الوكيل المحلي الذي يعد الطرف الأضعف في العلاقة التعاقدية مع الشركات الكبرى التي تستطيع أن تفرض شروطها عليه، واشترط وجود سبب جوهري لانتهاء العلاقة التعاقدية بحسب ما تقرره لجنة الوكالات التجارية التابعة لوزارة الاقتصاد.

وذكر، أن اقتراح مسوّدة القانون الجديد أثار السجال فيما يتعلق بانتهاء عقد الوكالة التجارية بحيث يعطي للأصيل خيار عدم التجديد بانتهاء مدة عقد الوكالة التجارية، ما يعده الوكلاء إضراراً بموقفهم القانوني والسوقي، ولا سيما أنهم لم يقصر في الاستثمار في الوكالة التجارية وخدمة المتعاملين.

90% من الشركات الخاصة بالإمارات عائلية

وتمثل الشركات العائلية في دولة الإمارات 90% من إجمالي عدد الشركات الخاصة في الدولة، وتسهم بحصة تبلغ 40% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، حيث تستثمر في مجالات حيوية متنوعة، وتتوزع أبرز استثماراتها على قطاع العقارات والإنشاءات بنسبة 22%، وتجارة التجزئة بنسبة 19%، والضيافة والسياحة والسفر بنسبة 14%، والصناعة والتصنيع بنسبة 10%، والتكنولوجيا والإلكترونيات بنسبة 8%، والشحن والخدمات اللوجستية بنسبة 7%.