الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

ما هو سعر الفائدة «الليبور»، وما علاقته بأسواق المال العالمية؟

ما هو سعر الفائدة «الليبور»، وما علاقته بأسواق المال العالمية؟

أرشيفية

مع محاولة تقليل تداعيات كورونا لا تزال المنظمات الدولية تسعى لدفع البنوك والأسواق للتخلي عن «ليبور» بهدف الوصول إلى استقرار أكبر وتمثيلٍ لمتغيرات السوق بشكلٍ أفضل.

ترصد «الرؤية» مفهوم سعر الفائدة «الليبور» ومدى علاقته بأسواق المال العالمية في هذا التقرير.

مؤشر «ليبور» وهو مؤشر يقيس متوسط أسعار الفائدة التي تقدمها البنوك الكبرى في لندن في حال الاقتراض من بنوك أخرى، ويُستخدم ليبور لتسعير عقود بقيمة 400 تريليون دولار تقريباً ما بين قروض عقارية وبطاقات ائتمان ومبادلات تستخدمها الشركات والبنوك لوقاية نفسها من التحركات غير المتوقعة في تكاليف الاقتراض، لكن سمعته تضررت إثر سلسلة من عمليات التلاعب بمؤشر معدل سعر صرف العملات الأجنبية، والتي تورطت فيها بنوك كبرى أدت إلى تكبدها غرامات تصل إلى 10 مليارات دولار.


وبدأت جمعية المصرفيين البريطانية في إصدار معدل الفائدة الليبور في عام 1986 كاستجابة للحاجة إلى وجود معدل مرجعي للفائدة على القروض، وتقوم الجمعية بوضع معدل الليبور يومياً باستخدام البيانات المقدمة من البنوك الكبرى في جميع أنحاء العالم والتي تشكل في مجموعها هيئة مساهمي الليبور.


ووفقًا لبلومبيرغ، فإن البنوك تقدم القروض في الأساس، وليبور أو معدل الفائدة القياسي، هو معدل يمكن البنوك أن تقترض به من بعضها البعض دون ضمان، ويعتبر هذا مناسباً بسبب أن عائدات فوائد البنوك على قروضها ترتفع مع زيادة نفقات الفائدة الخاصة بها، بحيث يمكن للبنوك تحقيق أرباح قيمتها (إكس) على قروضها عبر الاقتراض بليبور والإقراض للغير بمعدل (ليبور+ إكس)، لكن البنوك تتسم بالغرابة، وإذا قمت بقياس معدل الفائدة العادي اعتماداً على تكاليف اقتراض المصارف، فإنك ستحصل على نتائج غريبة أحياناً.

وإذا قامت شركة صناعية مستقرة بالاقتراض بتكلفة (ليبور+ 200 نقطة أساس) في الأوقات العادية، فإذا كان الليبور 3% مثلاً فإن تلك الشركات ستدفع معدل فائدة بنحو 5%، وهو الأمر الذي قد يكون مناسباً لمستوى المخاطرة الخاص بها.

ولكن إذا كانت هناك أزمة مصرفية، وقفز معدل الليبور إلى 10% لأنه لا أحد يرغب في إقراض البنوك، حتى مع بقاء الناس راضية تماماً عن إقراض الشركات الصناعية المستقرة، فإن الشركة ستجد نفسها تدفع معدل فائدة 12% ليس لأن هذا هو السعر المناسب ولكن بسبب أنها تربط مصيرها بمصير تلك البنوك.

ويتحدد معدل الليبور يومياً للعملات الدولية سواء تلك التي يتم إقراضها أو اقتراضها من جانب مجموعة من المصارف الرئيسة في سوق لندن النقدي والتي يتم اختيارها بواسطة جمعية المصرفيين البريطانية، حيث يقوم كل مصرف في المجموعة بعرض معدل الفائدة الذي يدفعه على القروض التى يقترضها وكذلك معدل الفائدة الذي يمكن أن يدفعه لكي يقترض من المصارف الأخرى.

ويتم احتساب هذا السعر لـ15 نوعاً من الاقتراض ولفترات زمنية تمتد من يوم واحد إلى 12 شهراً، أي أن هناك 150 سعر فائدة ليبور للعملات الرئيسية الـ10 الكبرى بموجب هذا النظام، مثل ليبور بالدولار والين واليورو والجنيه الاسترلينى وبقية العملات، لكن ليبور البريطاني هو الأكبر عالمياً من دون منازع، بسبب حجم سوق المال الهائل في حي المال في لندن، وتزايدت أهمية هذا المقياس بزيادة الاعتماد عليه عالمياً ليصبح المعيار الرئيسي لأسعار الاقتراض البينية بين المصارف.

ويرتفع سعر فائدة ليبور عندما ترتفع المخاطرة وتنخفض السيولة المتوفرة للإقراض بين المصارف، في حين ينخفض حين تنخفض المخاطر وتتوفر السيولة، ولذلك فإن مستويات ليبور هي أفضل مؤشر للمتعاملين في الأسواق العالمية لمعرفة مستويات العرض والطلب على الأموال المتاحة للإقراض ومستويات التفاؤل والتشاؤم في الأسواق العالمية.

من هنا تأتي أهمية ليبور الكبيرة والخطيرة في التأثير على أسواق المال العالمية، فهو المعيار المقبول عالمياً، والذي يستند إليه ويرتبط به تريليونات الدولارات الأمريكية من الأصول المالية في أنحاء العالم، نحو 800 ألف مليار دولار أمريكي، وهي تمتد من القروض العقارية إلى بطاقات الائتمان إلى تمويل المشاريع وعشرات الأصول والتعاملات المالية الأخرى.

ويتم إجراء مسح عبر لجنة تضم 223 من البنوك العالمية الكبرى في 60 بلداً بشكل يومي. ويستخدم الليبور كسعر مرجعي لمئات الصكوك والمنتجات المالية، وبالتالي لا يقتصر تأثيره على أنشطة المتداولين بل يتعداها إلى أسعار الفائدة التي تضعها بنوك التجزئة لمنتجات عملائها مثل القروض العقارية وبطاقات الائتمان، وكلف استردادها.

لكن المؤشر تعرض لأكثر من هزة مالية على مدار العقد الماضي؛ ففي عام 2008 كشفت صحيفة وول ستريت جورنال عن تلاعب تقوم به البنوك البريطانية فيما بينها بالمؤشر من أجل التربح، وهو الأمر الذي دفع إلى مطالبات واسعة بتغيير السياسة النقدية لبنك إنجلترا، وطالت الشبهات أعضاء مجلس البنك بالتغاضي عن هذه الأعمال. وفي يوليو 2012 تحدثت صحيفة فايننشال تايمز عن إمكانية حدوث تلاعب في أسعار الليبور منذ عام 1991 (تم إنشاء نظام الليبور عام 1984)، وذلك من قبل بنوك أعضاء في اللجنة تقوم بتقديم معلومات غير صحيحة في المسح الاستقصائي اليومي، وذلك بهدف التأثير على حسابات الليبور بشكل يجعلها أكثر ملاءمة لتحقيق مصالحها، فضلاً عن تعزيز جدارتها الائتمانية.

ومن المتوقع أن يشهد العامان الجاري والمقبل زيادة في الضغوط على البنوك والأسواق المالية، للتخلص من سعر الفائدة المعروض بين بنوك لندن (ليبور) بنهاية 2021، إذ تعكف جهة رقابية عالمية على فحص التقدم صوب التحول إلى مؤشرات تسعير قياسية جديدة.

وقال مجلس الاستقرار المالي الذي يعد جهة رقابية مالية عالمية، في وقت سابق إنه سيجري مسحاً يشمل جهات تنظيمية محلية، العديد منها عضو بالمجلس، لتقدير تقدمهم في حمل البنوك والشركات على التوقف عن استخدم ليبور.

ويريد مجلس الاستقرار المالي أن تستخدم الأسواق أسعار فائدة ليلة واحدة التي تضعها بنوك مركزية، مثل مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي، وبنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي.

وتعتمد أسعار فائدة ليلة على تعاملات بالسوق يمكن التحقق منها، وذلك بخلاف ليبور الذي يُستمد بدرجة كبيرة من أسعار معروضة تطرحها البنوك، ولا تكون بنفس درجة الوضوح المطلوبة، فالتأكد الرقمي خلال كل ليلة أكثر دقة بشكل كبير من التأكد من الأرقام على نحو متباعد يصل لسنة.

وحذر مجلس الاستقرار المالي العام الماضي من أنه على الرغم من أن المشاركين في أسواق المشتقات والأوراق المالية قد أحرزوا تقدماً «جيداً» في تبني استخدام أدوات بديلة عن ليبور، إلا أن استخدامه المستمر بين أهم اللاعبين في الأسواق المالية «يشكل مخاطر على الاستقرار المالي العالمي».

وحثت وثيقة للاتحاد الأوروبي اطلعت عليها رويترز الأسبوع الماضي مجموعة العشرين إلى الالتزام بالإصلاحات المالية المتفق عليها من قبل الجائحة مثل الانتقال من سعر الفائدة المعروض بين بنوك لندن (ليبور)، الذي ترغب الهيئات التنظيمية في استبداله بعد تغريم بنوك بسبب تلاعبها فيه، فضلاً عن مكافحة عمليات غسل الأموال من خلال النظام المالي.