الاثنين - 20 مايو 2024
الاثنين - 20 مايو 2024

قطاع الطعام والشراب في الإمارات يعود للانتعاش

قطاع الطعام والشراب في الإمارات يعود للانتعاش

تأثر قطاع الطعام والشراب، الذي يتمتع بأهمية حيوية في دبي تحديداً، بتداعيات أزمة «كوفيد-19». فقد كانت الأشهر الأولى لتفشي الوباء صعبة للغاية وغير اعتيادية بالنسبة للمشغلين، ولكن من المؤكد بأن قطاع الطعام والشراب سوف ينتعش مرة أخرى خلال الأشهر المقبلة، إلا أن هذا الانتعاش سيكون مختلفاً بشكل ملحوظ عمّا كان عليه قبل الوباء. لقد غيّرت هذه الفترة منظومة العمل بأكملها وبطرق مختلفة سيبقى أثرها لسنوات مقبلة. وفقاً لما قاله بيتر مايرفويت، الرئيس المالي العالمي والرئيس التنفيذي الإقليمي لمنطقة آسيا في شركة تريدويند فايننس، في مقال حصري لـ«الرؤية».

وأضاف، لا شك بأن هذه التغيرات ستكون على أجندة قادة قطاع الطعام والشراب من المنطقة والعالم المشاركين في معرض الخليج للأغذية (جلفود) – سواء عبر البث المباشر أو الحضور شخصياً- والذي يستمر حتى 25 فبراير في دبي.

وقال إن أحد أهم الاتجاهات التي برزت بقوة نتيجة الوباء هي الارتفاع الكبير في شعبية شركات توصيل وتجميع الطعام، مثل طلبات وزوماتو وكريم، حيث فرض الوضع ارتفاعاً كبيراً في الطلبيات الخارجية نتيجة التدابير الاحترازية الصحية والمرتبطة بالسلامة. وينطبق هذا الأمر بشكل خاص هنا في دولة الإمارات، التي تمتلك أعلى معدلات لطلب وتناول الطعام في الخارج، نتيجة التنوع الكبير في التركيبة السكانية للبلاد.

وفي نفس الوقت واجهت هذه الشركات تغييرات كبيرة خاصة بها. فبعد أن كانت تجني عمولة تراوح بين 25% و35% من قيمة الطلب، خضعت لتدقيق مكثف لتقليل هذه الرسوم التي تعتبر مرتفعة بالنسبة للمشغلين بعد أن واجهوا تحديات ضخمة نتيجة تراجع الإقبال على المطاعم، أو توقفه في بعض الحالات.

وقد تمكنت شركة كريم، على سبيل المثال، من الموازنة بين احتياجات المشغلين وشركات التوصيل من خلال طرح نموذج التوصيل دون عمولة لتخفيف بعض من التداعيات السلبية للوباء. ويعتمد النموذج الجديد على التعامل مع المشغلين على أساس رسوم شهرية ثابتة.

لقد فتح هذا الواقع الجديد الباب أمام تسريع وتكثيف اتجاهات كانت في طور النشوء، وكانت الوجبات السريعة هي الرابح الأكبر، ويعود ذلك بشكل جزئي إلى حذر المستهلكين والمخاوف المتعلقة بالصحة والسلامة. وواجهت المطاعم العادية والفاخرة تحديات هائلة مع انحسار العديد من المفاهيم وسط هذه الظروف غير التقليدية في السوق.

وكانت الرغبة والقدرة على تعديل طريقة سير الأعمال هي طوق النجاة، سواء من خلال التفاوض على قيمة عقود الإيجار، أو تعديل الرواتب أو التركيز على استخدام الموارد المتاحة بكفاءة أكبر. وبالنسبة للعديد من المفاهيم في البلاد، انصب التركيز الرئيسي في السيطرة على التكاليف المتكبدة وتحسين الأصول الموجودة.

ولا بد أن تتسارع هذه التغييرات في المستقبل القريب، لا سيما بعد أن لمس العديد من المشغلين العاملين في مجال الطعام والشراب منافع المطابخ السحابية مقارنة بالأخرى المادية، ولربما يفكرون اليوم في تنفيذ مفهوم «المطابخ المُدارة». وتتيح المرافق التي تتم فيها الاستعانة بمصادر خارجية لتحضير الطعام وتوصيله للشركات القدرة على التركيز أكثر على العلامة التجارية والمفهوم ومتطلبات المستهلكين من دون الحاجة لإنفاق مبالغ طائلة على اتخاذ القرارات المتعلقة بتخصيص الموارد.

لقد تزايدت أهمية النظم الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي كأدوات حيوية في مخزون مشغلي خدمات الطعام والشراب أثناء تفشي الوباء. وقد أدرك المشغلون الناجحون بسرعة أهمية المرونة والابتكار في تعزيز القدرة على تجديد عملياتهم التشغيلية بسرعة وكفاءة. وعلى الرغم من أوجه التشابه، إلا أن هناك اختلافات طفيفة بين كل واحدة من أسواق دول مجلس التعاون الخليجي على مستوى اختلاف الأذواق والتفضيلات. وعند اتباع واختيار الأساليب الرقمية الهادفة، يمكن اكتساب القدرة على جمع وتحليل المعلومات والأنماط والاتجاهات، ليتاح لهذه الشركات تغيير توجهاتها بحسب ما لديها من معطيات.

وفي حين يسود التفاؤل الحذر بشأن التعافي الوشيك لقطاعي السياحة والضيافة بين الأوساط في الصناعة، فقد تعلم القطاع الدرس جيداً، حتى بالنسبة للمطاعم التي لا تزال تركز على الزبائن الذين يتناولون الطعام في الخارج، حيث لديهم ثقة كبيرة بأن هذا التوجه لن يختفي كلياً.

والأهم من ذلك، أن الوباء كانت بمثابة تذكير بأن المطاعم والمشغلين بحاجة لوضع خطة للطوارئ في الاعتبار. وهنا لا بد من وجود عدة خطط، مع توخي الحذر في تخصيص رأس المال والأصول القائمة. إن الشركات الذكية متعددة القنوات هي التي ستخرج قوية من هذه الأزمة والأزمات القادمة في المستقبل.