الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

أزمة الرقاقات ترسم خريطة التحالفات في صناعة السيارات العالمية

أزمة الرقاقات ترسم خريطة التحالفات في صناعة السيارات العالمية
خنقت أزمة الرقاقات وأشباه الموصّلات العام الماضي إنتاج ومبيعات السيارات في العالم حيث امتدَّت أوقات تسليم الرقاقات لنحو 26 أسبوعاً في ديسمبر، وفقاً لبحثٍ أجرته "مجموعة سسكويهانا الدولية" (Susquehanna Financial Group)، وهي المدة الأطول منذ أن بدأت الشركة في تتبع البيانات في عام 2017.

ومن غير المتوقع أن تتلاشى الأزمة خلال العام الجاري، ما يعيد رسم خريطة التحالفات في صناعة السيارات العالمية رغم أن أوقات التسليم عادت مرّةً أخرى لمستويات قريبة من طبيعتها في ديسمبر، حيث ذكرت "مرسيدس" أنَّها تحتفظ بفريق عمل شكَّلته استجابةً لنقطة الاختناق مع توقعها عرضاً محدوداً بشكلٍ خاص في النصف الأول من هذا العام، إضافةً إلى توقُّعها هدوءَ الوضع بحلول نهاية العام الحالي، علماً أنَّ هذا كان من توقعات أوائل عام 2021 الذي فاجأ العالم بالحرائق والطقس السيئ الذي أدى إلى تفاقم حالة النقص.

وما حدث مع شركة مرسيدس غير مختلف عما حدث مع شركات صناعة السيارات الأخرى فعلى سبيل المثال لم يبدأ مصنع "تسلا" في برلين بالعمل بعد على الرغم من توقُّع إيلون ماسك إنتاجَ طراز (Ys) بنهاية العام الماضي، ولكن لم يكن الأمر بيد ماسك، فالسُّلطات المحلية لم تمنح الضوء الأخضر النهائي للمشروع بعد ما أدَّى إلى تأخير توسُّع "تسلا" الأوروبي بالتزامن مع بداية تقدُّم منافسيها المحليين.


وأعلنت شركة "ستيلانتس" (Stellantis) مؤخراً عن عقد صفقات مع "أمازون" لتطوير البرمجيات وبيع مركبة توصيل البضائع الكهربائية "رام برو ماستر" (Ram ProMaster) لأمازون، في حين كشفت شركة "مرسيدس بنز" (Mercedes-Benz) التابعة لشركة "دايملر" (Daimler) يوم الاثنين النقابَ عن نموذجٍ أوّلي لسيارةٍ تعمل بالبطارية وتسير نحو 620 ميلاً بعد كل شحنة. فيما خصَّصت "فولكس فاغن" الشهر الماضي نحو 100 مليار دولار لتطوير البرمجيات والمركبات الكهربائية على مدى نصف العقد المقبل، وهي أكبر ميزانية عملاقة ألمانية حتى الآن، بناءً على ما جاء في مقالة نشرها موقع "بلومبيرغ" حديثاً.


وأمَّا "تسلا" فنجحت في تكوين ريادةٍ فريدة في إنتاج وبيع السيارات الكهربائية بكميات كبيرة، ولكن ربما يكون عام 2022 هو العام الذي يحاول فيه مصنّعو السيارات التقليديون اللَّحاق بها بشكل جدّي.

ورغم أن أداء "تسلا" القوي في الصين ساعد في دعم تسليمات الشركة في نهاية العام بشكل مثير للإعجاب، وهو ما يضع مزيداً من الضغوط على شركات "فولكس فاغن" و"بي إم دبليو" و"مرسيدس" حيث تعدُّ الصين أكبرَ سوقٍ لسيارات الشركات الثلاثة لذا فإنَّ الدِّفاع عن حصتهم في السوق أو التوسّع سيكون أولويَّةً رئيسةً للشركات الألمانية الثلاثة في ستدخل فيه قوانين الملكية الأجنبية الميسرة في الصين حيز التنفيذ .

كما أنَّ "بي إم دابليو"، والتي كشفت للتو أنَّها تغلَّبت على "مرسيدس" في مبيعات السيارات الفاخرة العالمية العام الماضي لأول مرة منذ 2015، تتوقع أن تحصل في الربع الأول من هذا العام على إشارة من المشرّعين الصينيين بشأن خطّتها لتوحيد مشروعها المحلي لصناعة السيارات بشكل كامل مع شركة "بريليانس" (Brilliance) الصينية، ما يتيح لها تضمين نتائج الشركة في تقاريرها، والذي يعزز بدوره الإيرادات والتدفقات النقدية والأرباح.

ولعلَّ القوانين المسهّلة أيضاً تمنح "مرسيدس" فرصةً لرفع حصّتها في مشروعها الصيني المشترك الرئيسي مع "بايك موتور" (BAIC Motor) والتي تبلغ 49% حالياً، حيث تمتلك "بايك" نحو 10% من شركة "دايملر"، علماً أنَّ الألمان أشاروا الشهر الماضي إلى هذه الشراكة على أنهَّا "نموذجٌ يحتذى به للتعاون الصيني الألماني" بعد التعاون في تطوير المركبات وإنتاجها منذ عام 2003.

ولعلَّ مضاعفة المشروع مع "بايك" ستكون منطقيةً لأنَّ "دايملر" تعمل على تقليص حجم علاقتها مع شركة "بي واي دي" الصينية، حيث ذكرت الشركة الألمانية الشهر الماضي أنَّها ستخفض حصتها في مشروع "دينزا" (Denza) للسيارات الكهربائية من 50% إلى 10% بعد سنواتٍ من ضَعف المبيعات. فيما تتخذ بعض الشركات خطواتٍ للسيطرة على نقص الرقاقات بشكل أكبر، مثل شركة "ستيلانتس" التي وقَّعت صفقة مع "فوكسكون" (Foxconn) لتطوير المكونات بشكل مشترك، وربما سيشهد السوق المزيدَ من هذه الاتفاقيات خلال الأشهر المقبلة.