السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

صندوق النقد الدولي: الإمارات استطاعت الموازنة بين فتح الاقتصاد وحماية المواطنين

صندوق النقد الدولي: الإمارات استطاعت الموازنة بين فتح الاقتصاد وحماية المواطنين

جهاد أزعور

التضخم يلقي بثقله على الأسر المحدودة الدخل في المنطقة

تحسن أسعار النفط يقود انتعاش دول الخليج

صندوق النقد الدولي: الإمارات استطاعت الموازنة بين فتح الاقتصاد وحماية المواطنين

أسهم تحسن أسعار النفط وإدارة أزمة جائحة كورونا في دعم اقتصادات دول الخليج واستمرار الانتعاش خلال العام الجاري، حسب صندوق النقد الدولي، الذي أشار إلى الإمارات كمثال ناجح على الموازنة ما بين حماية أرواح المواطنين وإعادة فتح الاقتصاد، الأمر الذي ساهم في تسريع عملية الانتعاش".

وأفاد مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور في ندوة بعنوان «ما الذي ينتظر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مسارها نحو التعافي»، بأن التضخم يلقي بثقله على ميزانيات الأسر المتوسطة والمحدودة الدخل بشكل أساسي في المنطقة كون الارتفاع لمس بشكل أساسي أسعار المواد الأولية والمواد الغذائية.



تباين اتجاهات النمو

وتفصيلاً أشار أزعور إلى أن فهم المنطقة يتطلب أن نقسمها إلى عدة مكونات (3 مجموعات)، المجموعة الأولى الدول المصدرة للنفط التي تستفيد اليوم من ارتفاع أسعار النفط بشكل كبير، وذلك لتحسين وضع النمو والتدفقات المالية وميزان المدفوعات، وبعض هذه الدول اتخذت إجراءات إيجابية خلال الفترة الماضية لحماية حياة المواطنين وحماية الاقتصاد وإعادة حركة الانتعاش، لكنه أشار إلى أهمية العمل من أجل حماية ما تم إنجازه من خلال الاستثمار بالطاقة المتجددة وتنويع الاقتصاد، والمجموعة الثانية وهي الدول الناشئة المتوسطة الدخل كمصر وتونس والأردن، والتي هي على درجة من الانفتاح، تأثرت، لكنها أثبتت قدرة على التكيف، وعليها الاستمرار في عملية التحول الاقتصادي الجوهري من خلال إعطاء دور أكبر للقطاع الاقتصاد الخاص، وبناء مقومات اقتصادية وسياسات مالية سليمة، والمجموعة الثالثة التي تعاني أزمات وهذه الدول تتطلب وجود مساعدة لمواجهة أزماتها وللعودة إلى النمو.



التضخم وتضييق السياسة النقدية

وحول التضخم والمخاطر التي يمكن أن تنجم من تضييق السياسات المالية عالمياً، أشار أزعور إلى وجود رابط كبير بين منظومة الحماية الاجتماعية ومعالجة التضخم.

وأشار إلى أن الارتفاع الكبير يأتي من أسعار المواد الأولية والمواد الغذائية وهذه تشكل العنصر الأساسي في ميزانية الأسر الأقل إمكانية، لافتاً إلى أن جزءاً من التضخم مرتبط بالطلب السريع وبسلاسل الإنتاج والقدرة الإنتاجية، وارتفاع أسعار المواد الأولية بما فيها أسعار الطاقة.

وأفاد بوجود حالة من عدم اليقين يؤثر على الاستثمار وعلى الطلب ويجعل بعض الدول يعيدون النظر بمستويات أسعار الفائدة والسياسات النقدية، وهذا يلقي بظلاله على دول المنطقة لا سيما على الدول المنفتحة على الأسواق العالمية خاصة بالنسبة للدول غير النفطية.

وأشار إلى أن التضخم يتطلب الانتباه ووجود إدارة فعالة ومتابعة للتحولات من قبل المؤسسات النقدية والبنوك المركزية.

وأضاف أن مشكلة التضخم إحدى المخاطر التي تتزايد لتضاف إلى مخاطر أخرى ومنها تحول رؤوس الأموال التي تمر بها الدول الناشئة، وارتفاع المخاطر الجيوسياسية، والضعف البنيوي الموجود لدى بعض اقتصادات المنطقة.

وقال «لا بد من تدعيم السياسات الاقتصادية بسياسات اجتماعية فضعف التعليم على سبيل المثال يمكن أن يضعف القدرة على النهوض، مؤكداً أن هذه الأزمة لا يجب أن تمر دون معالجة أمور بنيوية أساسية».

وقال «بعض الدول تبحث عن الدروس لتمكين وبناء الاقتصاد على أسس أكثر متانة، ومنها دول الخليج الساعية لبناء اقتصاد أكثر تنوعاً وأقل اعتماداً على النفط وتنويع مصادر الدولة».

3 سنوات

قال «ندخل عام 2022 مع مرور 3 سنوات لظهور متغير ذي أثر كبير على الاقتصاد وإدارة الملف الاقتصادي، لافتاً إلى أن العام الراهن يشهد استمرار التعافي الذي شهدناه مطلع عام 2021 مع انتشار عملية التلقيح، ولا شك أن هذا الانتعاش الذي نشهده يشوبه عدة علامات استفهام حول التكيف مع أية متغيرات جديدة وكيف سيتم التعامل مع الارتفاعات في الأسعار وكيفية التنسيق بين السياسات المالية والعالمية لتفادي أية أزمات مقبلة، وآثار التغيرات الجيوسياسية على الإدارة الاقتصادية».

وأفاد بأن الاقتصاد العالمي يحاول الدخول في مرحلة جديدة أكثر اعتماداً على التكنولوجيا وأكثر صداقة للبيئة، مع السعي إلى إعادة تعزيز الركائز الاقتصادية الأساسية كمعالجة نسب الدين وإبقاء نسب التضخم منخفضة وإبقاء الحركة التجارية منفتحة.

وأشار إلى أن العام الماضي كان عام تحول شهد متغيرات أساسية على المنطقة على رأسها تراجع أسعار النفط، ومجموعة من الإجراءات لمعالجة أثر الجائحة وسط تزايد أهمية انتشار اللقاح الذي لعب دوراً أساسياً في إعادة العجلة للاقتصاد وحماية حياة المواطنين.

وقال "كذلك شهد عام 2021 إجراءات مالية ونقدية، وعودة لارتفاع أسعار النفط، لكن شهد تضخماً في نفس الوقت وارتفاعاً كبيراً في مستويات الأسعار والتضخم الذي أثر على أسعار المواد الغذائية وأسعار السلع الأساسية.

وتابع «نحن في مطلع 2022 ولا شك أن النمو مستمر وتم تعديل وتحسين توقعات النمو، لافتاً إلى أن التحسن الكبير جاء نتيجة 3 محاور أساسية هي: اللقاح وانتشار التطعيم خاصة بالنسبة لبعض الدول التي كان لديها قدرة أسرع على الخروج والانتعاش الأكبر بعد الجائحة، وثانياً تحسن أسعار النفط الأمر الذي أسهم في دعم اقتصادات المصدرين للنفط وعلى رأسهم دول الخليج، وثالثاً إدارة الأزمة من حيث الموازنة ما بين حماية أرواح المواطنين وإعادة فتح الاقتصاد كما رأينا في الإمارات على سبيل المثال، الأمر الذي ساهم في تسريع عملية الانتعاش».

لكنه أشار إلى مجموعة من السلبيات التي برزت مع الجائحة منها أزمة البطالة التي بلغت مستويات 11.8% وهو من أعلى المستويات التي شهدتها المنطقة، وارتفاع الأسعار خاصة المواد الغذائية التي تشكل الجزء الأكبر من إنفاق الأسر خاصة المتوسطة والمحدودة الدخل، والسلبية الثالثة تتمثل في تفاوت نسب التطعيم، فهناك مستويات مرتفعة في بعض البلدان وصلت إلى 90 أو 95% ومستويات منخفضة جداً في بلدان أخرى لا تزال دون الـ5%.

وأضاف إلى تلك السلبيات 3 نقاط أخرى، أولها ارتفاع مستويات الديون لا سيما للدول الناشئة، والحاجة إلى الاستثمار في قطاعات المستقبل خاصة التكنولوجيا والقطاعات الصديقة للبيئة، والتحوط وحماية اقتصادات المنطقة ضد أي تأثير للسياسات المالية العالمية على دول المنطقة.

القطاع غير الرسمي

وحول أثر الأزمة التي نعيشها على الدول العربية، بين أزعور، أن الأزمة لها تأثير كبير على محاور أساسية تتعلق بالاستقرار الاجتماعي، لافتاً إلى أن ارتفاع نسب البطالة كان متفاوتاً بشكل كبير بحسب فئات المجتمع، حيث ارتفع لدى الشباب والنساء أكثر بمعدل ضعفين مقارنة بالفئات الأخرى، فالقطاعات التي تعمل بها فئتا الشباب والمرأة تأثرت بشكل كبير وهي القطاعات غير الرسمية.

وأشار إلى أن القطاع غير الرسمي كان يلعب دوراً ويؤمن درجة من الحماية لشرائح، لكن اليوم كانت القطاعات غير الرسمية أصعب وأكثر تأثراً، حيث كانت الأزمة من نوع مختلف بحيث ضربت قطاعات رئيسية تنطوي على تواصل اجتماعي كالسياحة وغيرها، والدعم لم يصل إلى هذه الفئات (المرأة والشباب) على الرغم من كون بعض البلدان طورت آليات للوصول إلى فئات في القطاع غير الرسمي كالمغرب.

وأوضح أن عودة النمو لا تؤثر بالتوازي بنفس النسبة في عودة فرص العمل.

ولفت أزعور أن البنية التحتية الصحية لعبت دوراً رئيسياً في الفارق بين البلدان، وبالتالي فهناك حاجة إلى المزيد من الاستثمار في المنظومة الصحية وقطاع الرعاية والحماية الاجتماعية، والعمل على إدخال المرأة بشكل أكبر في سوق العمل.

وأوضح أن صندوق النقد عمل ضمن نطاق يهدف إلى مواجهة تلك التحديات خلال السنتين الماضيتين، من حيث مساعدة الدول على مجابهة هذه الأزمة الخارجية، والعمل على تأمين آلية للخروج من هذه الأزمة ثم التمويل حيث تم وضع نحو 60 مليار دولار منها على شكل وحدات سحب خاصة أو من خلال قروض.



أزمة أوكرانيا

لا شك أن أزمة أوكرانيا لها تأثير على المنطقة من خلال 3 مداخل رئيسية: أولها تجاري من خلال التبادل التجاري مع أوكرانيا وروسيا ومن ضمن المنتجات الأساسية القمح والنفط، والمدخل الثاني يتعلق بالارتباط المالي كون روسيا مركزاً مالياً للعديد من الدول المجاورة ولها استثمارات في دول أخرى، وبالتالي من الضروري التحوط لأي تداعيات أو آثار لهذه الأزمة، وكذلك التحولات الجيوسياسية.