تحاول غالبية الشركات العالمية مواكبة ارتفاع التضخم عبر زيادة أجور الموظفين، بغرض وقف موجة الاستقالات الكبرى، التي تصاحب موجات التضخم المرتفع.
وفي الوقت ذاته، يواجه أصحاب الأعمال تحدياً في تحديد مقدار زيادة رواتب، وهل يجب أن تواكب الارتفاع في نسبة التضخم أم تكون دونها؟ لا سيما وأن المستويات الحالية لارتفاع الأسعار هي الأعلى منذ عقود.
وتحقق الشركات أرباحاً قياسية مع زيادة أسعار منتجاتها وخدماتها المقدمة، بينما يتم الضغط على العمال لمواكبة ارتفاع تكاليف الأساسيات، بما في ذلك الغذاء والغاز والسيارات والإسكان. لكن هذا لا يعني أن مستوى مكاسب الأجور في العام المقبل سيتوافق مع التضخم الحاد الحالي.
ووصل التضخم في أمريكا - أكبر اقتصاد عالمي - في آخر قراءة له الشهر الماضي إلى زيادة نسبتها 7.5%، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وهو أعلى مستوى للتضخم في 40 سنة.
زيادة «تضخمية»
وحسب بيانات اقتصادية، تزداد صعوبة الأمر على الشركات وأصحاب العمل خلال الفترة المقبلة، لكون التضخم يتجاوز مستويات مرتفعة، بينما سجل استقراراً خلال العقد الماضي بين 1% و2%، في وقت زادت الأجور بنسب راوحت بين 2 و3% خلال الفترة ذاتها.
وللمرة الأولى منذ عدة عقود، يعد التضخم عاملاً مهماً في تقرير الزيادات السنوية، نظراً لارتفاعاته القياسية.
وحسب ما نقلته شبكة «سي إن بي سي» الأمريكية، كان هناك توتر واضح بين الرؤساء والعاملين في عملاق التكنولوجيا غوغل، حيث تم إخطار الموظفين «أنه كقاعدة عامة، لن تتم مطابقة زياداتهم مع معدل التضخم الحالي».
وكشف استطلاع اقتصادي لشبكة «سي إن بي سي»، أن التضخم يتفوق بشدة على «كوفيد-19» باعتباره مصدر القلق الأكبر بين الجمهور.
ووفقاً لـThe Conference Board، تتجه ميزانيات زيادة الرواتب نحو 4% هذا العام، وهي أكبر زيادة منذ عام 2008.
إلا أن بعض الحلول الأخرى للتكيف مع ارتفاع التضخم بالنسبة لأصحاب الأعمال عبر إقرار أفكار بديلة تشمل المزيد من وقت الإجازة، أو المزايا المتنوعة، أو المكافآت.
نسب متوقعة
وتخطط 44% من الشركات لرفع أجور العمال بأكثر من 3%، وفقاً لتقرير أفضل ممارسات التعويض لعام 2022 (CBPR) الصادر عن Payscale.
وأضاف التقرير: «هذا هو أعلى معدل للشركات التي تقدم أكثر من 3% زيادات في الأجور في 6 سنوات، لكنه لا يزال يترك العديد من العمال مع زيادات (تافهة إلى حد ما) عند أخذ الارتفاع الدراماتيكي في الأسعار خلال معظم العام الماضي في الاعتبار».
وذكر التقرير أن نحو 85% من الشركات قلقة بشأن التضخم، لكن معظمها لا يعطي زيادات في الأجور لمواكبة ذلك.
اتجاهات الرواتب
ومن المتوقع أن تشهد منطقة آسيا والمحيط الهادئ أعلى ارتفاع مرة أخرى عندما يتعلق الأمر بزيادة الرواتب في عام 2022، وفقاً لما ذكرته وكالة ECA الدولية أخيراً عند إصدار أحدث تقرير لاتجاهات الرواتب.
وأشارت الشركة إلى أنه من المتوقع أن تشهد المنطقة زيادة في الرواتب في عام 2022 بمتوسط 1.9% بالقيمة الحقيقية، وهو أعلى من أي منطقة أخرى ومتوسط زيادة الرواتب الحقيقية العالمية المتوقعة بنسبة 0.9%.
ويمكن للموظفين في سنغافورة توقع زيادة رواتب متوسطها 2022 بنسبة 3.5%، وبعد احتساب التضخم، الذي يبدو أنه سيظل بالقرب من المستويات هذا العام عند 1.5%، وسيشهد الموظفون في سنغافورة زيادة حقيقية في الرواتب بنسبة 2% في المتوسط ، ارتفاعاً من 1.2% هذا العام.
جنوب شرق آسيا.. الأفضل
تعد دول جنوب شرق آسيا من بين أفضل الدول في آسيا والمحيط الهادئ في زيادة الرواتب، لتشهد أسرع معدل للزيادة في عام 2022، مع احتلال فيتنام المرتبة الأولى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وعلى مستوى العالم.
وتشير التوقعات إلى أن العمال في الصين سيتلقون ثاني أكبر زيادة في الرواتب في المنطقة، وثالث أكبر زيادة على مستوى العالم العام المقبل، من حيث القيمة الحقيقية بنسبة 4%، ولا تتفوق عليها سوى فيتنام.