الاثنين - 06 مايو 2024
الاثنين - 06 مايو 2024

أسعار النفط.. إلى أين؟ ومَن المستفيد؟ ومَن الخاسر من ارتفاعها؟

أسعار النفط.. إلى أين؟ ومَن المستفيد؟ ومَن الخاسر من ارتفاعها؟

ارتفعت أسعار النفط لأعلى مستوى منذ عام 2008، في مستهل تعاملات يوم الاثنين، بعد أن قالت الولايات المتحدة إنها تناقش فرض حظر على واردات الخام الروسية، ما أثار مخاوف من نقص الإمدادات في سوق متوترة بالفعل.

وقفز برنت بنحو 18% في غضون دقائق عند الفتح اليوم الاثنين، متجاوزاً 139 دولاراً، فيما لا يزال الغزو الروسي لأوكرانيا يُثير مخاوف من حدوث أزمة قاسية في الإمدادات.

وترصد صحيفة «الرؤية» الآراء التالية لما قد يشهده سوق النفط العالمي وسط ترجيحات بأن يتم حظر تداول النفط الروسي بحسب آراء خبراء وتقارير من وكالات عالمية، وهي كالآتي:

أعلى ارتفاع منذ 14 عاماً

قال نائب رئيس إدارة البحوث والاستراتيجيات الاستثمارية في «كامكو إنفست»، رائد دياب، لـ«الرؤية»، إن أسعار النفط واصلت تحليقها لتصل إلى أعلى مستوياتها المسجلة منذ 14 عاماً، وذلك مع احتدام الصراع بين روسيا وأوكرانيا والمخاوف من تعثر الإمدادات.

وأوضح أن الأسعار تدعمت من الحديث عن أن الولايات المتحدة وحلفاءها يدرسون حظر واردات النفط من روسيا كعقوبة اقتصادية أخرى لروسيا نتيجة تدخلها العسكري في أوكرانيا.

وأكد أن ذلك جاء بالتزامن مع تعطل الإمدادات في ليبيا وتمسك أوبك+ في اجتماعها الأخير بسياسة زيادة الإنتاج تدريجياً بمقدار 0.4 مليون برميل يومياً في أبريل 2022، الأمر الذي زاد من تقييد الإمدادات، فيما لم تنجح عملية إطلاق 60 مليون برميل من النفط من الاحتياطات الاستراتيجية لمنتجي النفط الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في ترويض الأسعار.

وأوضح أنه كان هناك بصيصٌ من الأمل في أن يفضي نجاح المحادثات القائمة بين إيران والدول الغربية للوصول إلى اتفاق نووي جديد إلى عودة محتملة للنفط الإيراني إلى السوق، لكن تأجلت تلك الخطوة بعد مطالبة روسيا بضمانات بأن العقوبات الأخيرة عليها لن تؤثر على التعاون بين روسيا وإيران.

وأكد أنه من غير المتوقع انخفاض أسعار النفط طالما استمرت التوترات القائمة في أوروبا وسط غياب أي تطورات جدية تساعد على تهدئة الأجواء، فيما إذا ما تم حظر النفط الروسي فإن ذلك قد يشعل الأسعار بوتيرة أكبر.

وأوضح أنه من شأن ارتفاع الأسعار أن يعود بالفائدة على الدول المنتجة للنفط، ومنها الدول الخليجية، الأمر الذي سيدعم النمو الاقتصادي لتلك الدول ويغطي من عجز ميزانياتها، حيث إن الأسعار في الوقت الراهن أعلى من سعر التعادل لجميع الدول الخليجية لعام 2022.

وأكد أن الولايات المتحدة سوف تستفيد من ارتفاع الأسعار، حيث من المتوقع أن نرى زيادة بإنتاج النفط الصخري؛ وذلك للاستفادة من صعود الأسعار، لكن ستكون هناك ضغوط أكثر على معدلات التضخم في الولايات المتحدة والتي وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ عقود.

وأكد الخبير الاقتصادي أحمد معطي، أن ارتفاع النفط الحالي يعد أعلى ارتفاع منذ عام 2008 مدفوعة بالأزمة الروسية الأوكرانية واستمرارها لفترة طويلة على عكس المتوقع بالإضافة إلى اشتداد المواجهة بين الطرفين، ودخول أطراف أخرى إلى النزاع كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا عن طريق فرض العقوبات على روسيا.

وأشار إلى أن السبب الثاني هو اعتبار روسيا أكبر المنتجين والمصدرين في للنفط عالمياً، وبالتالي فإن إصدار المزيد من العقوبات على روسيا، واشتداد حدة الأزمة يؤثر على ارتفاع أسعار النفط.

وأوضح أنه كان من المتوقع أن يتم إدخال الخام الإيراني ليساهم في خفض حدة الارتفاع، ولكن بسبب التأخير في المحادثات بين إيران وأمريكا والاتحاد الأوروبي وعدم البت في الاتفاقية كان مساهم قوي في القفزة القوية والسريعة بأسعار النفط.

وأضاف أنه حتى قبل أزمة روسيا وأوكرانيا، كان هنالك مشكلة تواجه قطاع النفط وهي مشاكل سلاسل التوريد مقابل ارتفاع الطلب على النفط في ظل تراجع المعروض وهي أزمة لا تزال مستمرة، وبالتالي فإن جميع ما سبق تسبب في وصول أسعار النفط إلى مستوياته الحالية.



الدول المنتجة المستفيد الأكبر

وأوضح المعطي في تصريحات خاصة أن الدول المنتجة هي المستفيد من ارتفاع أسعار النفط ودول الخليج على وجه الخصوص، أما بالنسبة للبلدان الخاسرة فهي جميع الدول المستوردة، بالإضافة إلى خسارات أخرى على مستوى العالم بسبب دخول النفط في جميع مجالات الإنتاج الصناعية، ما سيرفع من نسبة التضخم في جميع السلع على مستوى العالم، وبالتالي ستنعكس التداعيات السلبية لارتفاع النفط على المستهلكين في جميع أنحاء العالم.

140 دولاراً خلال أسبوعين

وتوقع أحمد المعطي حصول المزيد من الارتفاعات لأسعار النفط خلال الفترة القادمة، ومن الممكن أن يتخطى حاجز الـ 140 دولار، ولفت إلى أن خبراء جي بي مورغان توقعت وصول البرميل إلى 180 دولاراً أمريكياً وهو أعلى سعر في تاريخه، مما سينعكس على ارتفاعات أخرى كالقمح والألمنيوم وغيرها من السلع.

150 دولاراً في حال استمرار التصعيد

من جانبه، قال رئيس شركة «تارجت للاستثمار»، نورالدين محمد، إن روسيا تتحكم في جزء ليس بقليل منها، وحيث تمثل نحو 40% من الإمدادات النفطية إلى أوروبا بجانب ما تصدره إلى أمريكا وباقي دول العالم، وبالتالي بمجرد إصدار عقوبات اقتصادية على دولة لها كل هذه الأهمية وتتحكم في هذه الحصة السوقية الضخمة، سيذهب بأسعار موارد الطاقة إلى مستويات جديدة، وعلى رأس هذه الموارد البترول والغاز.

وتوقع أن يصل برميل البترول (خام برنت) إلى 150 دولاراً إذا استمر الوضع في التصعيد، وهو ما قد يولده من آثار تضخمية قوية تذهب بالاقتصاد العالمي إلى مستويات متدنية غير مسبوقة. يشار إلى أن واردات أمريكا من المنتجات البترولية من روسيا 2021 مثّلت 8% من إجمالي الواردات.

تدفق النفط

بدوره، قال فيكتور شوم، نائب رئيس الاستشارات في مجال الطاقة في «آي إتش إس ماركيت»، بحسب وكالة بلومبيرغ الإخبارية، إن أحد أكبر أوجه عدم اليقين هو ما إذا كان تصعيد الحرب الاقتصادية بين روسيا والغرب سيؤثر على تدفق النفط والغاز وكيف سيؤثر ذلك.

وأوضح أن الدول الأعضاء بحلف الناتو تشتري حالياً أكثر من نصف 7.5 مليون برميل يومياً من النفط الخام والمنتجات المكررة التي تصدرها روسيا، مشيراً إلى أن المخزونات منخفضة بالفعل في الولايات المتحدة وعند مستويات منخفضة قياسية، وذلك بدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أوروبا وآسيا. وأكد أن الأبعاد المتعددة لهذه الحرب ستؤدي إلى اضطرابات ونتائج غير متوقعة.

التوترات وعدم اليقين

وقال دانيال هاينز، كبير محللي السلع الأساسية في مجموعة أستراليا ونيوزيلندا المصرفية المحدودة، في مقابلة مع وكالة بلومبيرغ الإخبارية، إن نحو 5 ملايين برميل يومياً من إمدادات النفط، سواء التي يتم إرسالها عبر خطوط الأنابيب أو الشحنات المنقولة بحراً قد تتأثر بالعقوبات الجديدة.

ولفت إلى أنه بالنظر إلى أن هذا يحدث في جميع أنحاء مجمع الطاقة بأكمله، ليس لدى أوروبا العديد من الخيارات، ومن المرجح أن تدفع الكثير مقابل النفط والغاز وأنواع الوقود الأخرى على المدى القصير.

ومن جانبه، قال جون دريسكول، كبير المحللين الاستراتيجيين في شركة استشارات وخدمات الطاقة «جي تي دي»، JTD Energy Services Pte، لوكالة بلومبيرغ: «مع تصاعد التوترات الجيوسياسية، وعدم اليقين والقلق، سيكون من الصعب جداً قياس قمة هذا الارتفاع بدقة».

وأوضح أنه خلال الأزمة المالية 2008-2009، بدأ تدمير الطلب بنحو 150 دولاراً للبرميل في يوليو 2008. ومع ذلك، فإن هذا الارتفاع يحركه العرض وقد يرسل الأسعار إلى ما بعد هذا المستوى قبل أن نستقر.

وقالت فاندانا هاري، مؤسسة شركة «فاندا إنسايتس»، وهي شركة استشارية مقرها سنغافورة، إن فرض حظر على الواردات الروسية قد يدفع أسواق الطاقة إلى أسوأ فوضى في حياتنا.

وقالت: «لا شيء مُسعّر بالكامل لأن كل الرهانات في هذه الحرب متوقفة». وأشارت هاري إلى أنه من الصعب أن نرى موافقة الاتحاد الأوروبي على حظر واردات النفط الروسية، حتى لو مضت الولايات المتحدة في هذا الأمر، حيث ستكون «الأنوار» في أوروبا إذا قامت موسكو بالانتقام.

وقال محللون في شركة سيتي جروب ومن بينهم إد مورس في التوقعات الفصلية للسلع للبنك: «إن صادرات النفط الخام وزيت الغاز الروسية تم تجنبها بالفعل أثناء فرض العقوبات».

وتوقع البنك أن ينخفض الإنتاج الروسي من النفط الخام بمقدار نصف مليون برميل يومياً، وأن الدول ستقوم بإطلاق 120 مليون برميل من الاحتياطيات من أمريكا وغيرها من الدول. بينما توقع البنك أن تقوم روسيا بتوجيه نفطها إلى الصين، وأن أوبك+ لن يكون لها رد مؤثر.