الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

لماذا فشلت أكثر من ثلثي الاكتتابات العامة الأولية في الخليج؟

لماذا فشلت أكثر من ثلثي الاكتتابات العامة الأولية في الخليج؟

كشف تقرير حديث أن طفرة الاكتتابات العامة الأولية التي شهدتها أسواق دول مجلس التعاون الخليجي خلال العام الماضي لا تعكس حقيقة الوضع على الأرض، مشيراً إلى أن غالبية الاكتتابات لا تنتهي بالنجاح الذي يتصوره طارحوها، ما يتطلب من الشركات إعادة تقييم توقعاتها لمصير خطواتها المقبلة والأخذ بعين الاعتبار عدة عوامل يمكنها أن تساهم بشكل حيوي في تحقيق النجاح.

وذكر التقرير الصادر عن شركة «إيريديوم أدفايزرز» الاستشارية بعنوان «نهضة الاكتتابات العامة الأولية في دول مجلس التعاون الخليجي»، أن عام 2021 شهد تسجيل أكبر عدد من عمليات الإدراج الجديدة منذ عام 2007، في ظل إجراء 38 عملية طرح أولي جديدة بدول مجلس التعاون الخليجي، لكن مع ذلك، فإن الحجم الكبير لعمليات الإدراج أخفى حقيقة أن ثلثها فقط كُتب له النجاح.

ولفت التقرير إلى أن 38٪ فقط من الاكتتابات العامة جرى تسعيرها على نحو مناسب، وأن 32٪ فقط من الشركات تم تداول أسهمها ضمن النطاق السعري المطلوب بهامش 20٪ عقب طرح أسهمها للاكتتاب العام، بينما لم تزد نسبة عمليات الإدراج الجديدة التي تفوقت في الأداء بعيد الأمد على الشركات المدرجة بالفعل على 31٪.

وقدم التقرير تحليلاً لـ457 من عمليات الطرح العام الأولي بمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي بين عامي 2005 و2021، درس خلاله معدل نجاح عمليات إدراج الشركات موضحاً بعض المفاهيم الخاطئة الشائعة حول كيفية الفوز أو الخسارة في الاكتتابات العامة. وقارن التقرير بين الشركات وفق 3 معايير موضوعية للنجاح:

1. التراجع دون المستوى السعري للاكتتاب: أي الفرق بين سعر الاكتتاب وسعر الإقفال في اليوم الأول

2. فترة الاستقرار: فترة استقرار الأسعار خلال 30 يوماً بعد الإدراج

3. العوائد الزائدة: السعر النسبي لسهم الشركة مقابل أداء المؤشر العام للسوق المالية للدولة

وقال أوليفر شوتزمان، الرئيس التنفيذي لشركة إيريديوم أدفايزرز وأحد مؤلفي التقرير: «رؤية الشركات الحكومية والخاصة وهي تسعى لإدراج أسهمها في أسواق الأسهم العامة في دول مجلس التعاون الخليجي أمر مشجع للغاية، ولدى المنطقة فرصة سانحة لبث الحيوية في أسواق رأس المال وجذب رؤوس الأموال الأجنبية لتنويع النمو الاقتصادي بحال وجود برنامج مدروس لعمليات الإدراج الجديدة، لكن مع ذلك، لا يزال أمام المصدرين والمستثمرين طريق طويل للاستفادة من الإمكانات الحقيقية للشركات المدرجة في أسواق رأس المال».

ورأى تقرير إيريديوم أن على الشركات التي تعتزم إدراج أسهمها أن تأخذ في الحسبان إمكانية تعرض مشاريعها وخططها لخيبات أمل، محدداً في هذا الإطار 3 مجالات رئيسية تساهم في زيادة احتمالات نجاح عمليات الاكتتاب، ولكنها لا تلقى غالباً العناية المطلوبة من أصحاب الشركات والمديرين والإدارات العليا وهي:

أولاً، مراعاة الاختلافات الجوهرية في آليات عمل السوق الرئيسية والسوق الثانوية:

• السوق الرئيسية هي السوق التي يتم فيها إدراج الأسهم

• السوق الثانوية هي السوق التي يتم فيها تداول الأسهم

ويذكّر التقرير أن أحد أسرار نجاح عمليات الاكتتاب تتمثل في فهم المدراء العامين والمسؤولين عن الشركات الطبيعة المختلفة بين السوقين، وحقيقة أن المستثمرين يتداولون فيما بينهم في السوق الثانوية بدون أي تدخل مباشر من الشركة، وأن قيمة الشركة تتحدد عمليا بالسعر الأخير لسهمها في يوم التداول.

ثانياً، ثمة اختلاف بين المستثمرين قبل عملية الاكتتاب وبعدها:

• يقوم المستثمرون قبل عملية الاكتتاب عادةً بالاستثمار على المدى القصير

• يقوم المستثمرون بعد عملية الاكتتاب عادةً بالاستثمار على المدى البعيد

ويلفت التقرير هنا إلى أن نجاح سهم معين في الوصول عند التداولات إلى مستويات سعرية تفوق سعر الإدراج يرتبط بمدى قدرة الشركة على إدراك وجود أنواع مختلفة من المستثمرين لكل منهم دوافعه واهتماماته الخاصة.

ثالثاً، المزج بين أساليب التعامل في العلاقات العامة وعلاقات المستثمرين يؤدي إلى الفشل:

• تهدف العلاقات العامة إلى تعزيز الاهتمام على المدى القصير

• تهدف علاقات المستثمرين إلى استقطاب الاستثمارات على المدى البعيد

لكل من العلاقات العامة وعلاقات المستثمرين دور مهم تلعبه في عملية الاكتتاب العامة، ولكن الشركات عادة ما تركز على العلاقات العامة على مدار عملية الاكتتاب وبعدها، ولا تلتفت إلى أهمية العمل على علاقات المستثمرين إلا في فترة متأخرة.

وقال شوتزمان: «إن شركات القطاعين العام والخاص في دول مجلس التعاون الخليجي التي تستعد للاكتتاب العام أو الإدراج بهدف الاستحواذ أو الإدراج المباشر في عام 2022 تواجه مخاطر حقيقية لانهيار القيمة، ولكنه استطرد بالقول إن هذه المخاطر ليست حتمية مضيفاً: «على الشركات التركيز على 3 محاور لتحسين فرص نجاحها، وتتمثل تلك المحاور في تبني نظرة طويلة الأجل في التحضير قبل الاكتتاب العام، وتحديد النوع المناسب من المستثمرين المستهدفين، وتعزيز القدرة على إنشاء علاقات قوية مع مجتمع المستثمرين المحترفين، ويمكن لهذه الخطوات الثلاث أن تحمي من التقلبات الكبيرة في أسعار الأسهم بعد الإدراج وستسهم في ضمان أن تحصل الشركات وأصحابها في المنطقة على القيمة الحقيقية في السوق».