الثلاثاء - 30 أبريل 2024
الثلاثاء - 30 أبريل 2024

كسر التحجر الفكري

كسر التحجر الفكري

مصطفى الزرعوني

التسامح كلمة كبيرة في معناها تحتاج منا للتأمل في دواخلها وما مدى تطبيقها اجتماعياً وليس تشريعياً فقط.

وهو الأمر الذي يجعلنا نرجع إلى مفاهيم مختلفة لاصقة في عقولنا تطرق لها الباحثون ولعل «العصبية» كما يذكرها ابن خلدون جزء لا ينفصل عن هويتنا، العنصرية موجودة فينا بنسب مختلفة نحاول بشتى الأشكال نزعها حتى لا تكاد ترى.

وخيراً فعلت حكومة الإمارات التي تبنت التسامح شعاراً لها هذا العام وهو نهج طويل متجذر فينا ، والتذكير به مهم جداً نتيجة لاختلاف نسبي في الهويات الثقافية مع مرور الوقت متأثرة بالمتغيرات الجيوسياسة والأنماط الاجتماعية .


ولعلنا نستشف وجود شكل من الصراع الباطني بين مختلف الأعراق فهناك من يرمي الآخر بأوصاف لا تمت له بصلة بالمبالغات التي يتخيلها البعض في وجدانه، وهو ما نجده في نقل أحاديث بعض المشايخ المتشددين من دون دراية منا معتقدين أنهم يملكون كل الحكمة وهم بعيدون عن ذلك.


والأمثلة كثيرة جداً قس على التفرقة المناطقة والشكلية والثقافية وغيرها ولكن تبقى المعتقدات الدينية هي الأخطر.

وعند النظر إلى ما حل بعالمنا العربي بعد انفجار ما يعرف بالربيع العربي يتضح أن صراع الهويات وفروقات الانتماء الديني أو المذهبي جلب الويلات للمنطقة لأن مفهوم الدولة الوطنية غير متجذر في عقولهم وبمجرد غياب الأمن بدأ القتل والتنكيل والتصنيف وتحويلها إلى مطالب للحرية أو لتحسين أوضاعهم المعيشية وإلى حرب طائفية.

يتهم كل منا الآخر بالدجل أو بالبدعة لمجرد ذكره حب الله سبحانه وكأن الخوف هو سيد الموقف في علاقتهم مع بارئهم، وجر خلفها من أمثلة، ويتضح أن الخلاف اليوم بين أهل المذهب نفسه فنرى السني ينتقد السني ويصنفه ويحلل دمه بصورة غير مباشرة فهل نتخيل كيف ينظر هؤلاء إلى المذاهب والأديان الأخرى.

ونراهم يمارسون «التقية» بعد ما انتقدوا مذاهب أخرى على استخدامها ولكنهم يقومون بدهم أفكارهم في جلسات مغلقة كالمجالس أو صفحات الواتساب من خلال عبارات مقتضبة كي لا يلفتوا الانتباه، في حين يسعون بذلك لأن يتركوا وقعاً في متابعيهم.

هذه قنابل موقوته يجب معالجتها فكرياً قبل أن تنتشر سمومهم، لا بمحاربتهم بل بتكريس مفهوم تقبل الآخر مهما اختلف فكرياً عنك، وينبغي حلها في البيت الواحد قبل النظر للآخرين، فالمسلمون بينهم ألف وألف صراع.

فعلاً إنه الانتحار الفكري عندما تعتقد أنك تملك الحقيقة وما دونك في ضلال وضياع من دون أن تبحر في محيطه.

نتابع اليوم ما يُقدم من حلول مطروحة على ساحة عام التسامح التي ينبغي أن تعي المشكلات وتبحث عنها مع عمل أكاديمي متخصص في علم الاجتماع، والبحث عن حلول جذرية وعدم ترك البعض يعيش حالة انفصام شخصي، ترى أفعاله منفتحة ولكن طريقة تفكيره وحديثه متحجرة.

[email protected]