الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

في مكتب «الملك عبدالله»

الأسبوع الماضي كنت في العاصمة الأردنية عمان .. زيارة لأسبوع حظيت فيها بلقاء الملك عبدالله الثاني في مكتبه بقصر الحسينية، والتقيت بعدها نخباً من الإعلاميين والسياسيين.

في القاعة الملكية، دخل الملك في الموضوع مباشرة، بلا مقدمات إنشائية، وتحدث عن الداخل المحلي والخارج الإقليمي.

إقليمياً، فإن عقل الدولة الأردنية السياسي مدرك تماماً لكل حساسيات الجغرافيا و«تحسسات» الزحزحة في العلاقات، وهذا العقل السياسي للدولة غير متفائل لكنه في الوقت نفسه واثق أن لا حل بدون الأردن، وبدون الفلسطينيين كذلك، أي حل يقفز فوق الضفتين هو حل أعرج لا قيمة له في المحصلة.


لا يحب الملك الأردني الإطالة في الحديث، ولديه سأم من الديباجات ويحب أن يسمع - أو يطرح - الفكرة كما هي وبوضوح.


وعلى الرغم من الخطاب الرسمي الأردني المتكرر «كديباجة» بأن الأردن ملتزم بالعملية السلمية وحل الدولتين، إلا أن العقل السياسي للدولة بأعلى مستوى واعٍ للمعطيات الإقليمية حوله، بما يفضي إلى حالة يأس من حل الدولتين.

أغلب النخب السياسية تعي ذلك أيضاً، وهذا يعني عملياً وواقعياً سقوط كل مشروع «أوسلو».

ذلك ببساطة يضع السلطة الفلسطينية وكل شرعيتها على محك النهايات بالضرورة، ومما يعنيه أيضاً أن العملية السلمية عادت إلى مربع ما قبل أوسلو مباشرة: مؤتمر مدريد.

حل الدولتين في نهاية طريق مسدود، وحل الدولة الواحدة ثنائية القومية يعني انتحاراً لإسرائيل في مواجهة القنبلة الديموغرافية، طيب .. ما الحل إذن؟

بالعودة إلى مربع مؤتمر مدريد، فإن ذلك يعني رجوعاً لأصول الصراع من وجهة نظر القانون الدولي والقرارات الدولية التي أسّس عليها حل مدريد، وأهمها قرارا 242 و338.

القراران الدوليان الصادران بعد حرب حزيران 1967، طالب فيهما المجتمع الدولي إسرائيل وبقوة القانون الدولي بالانسحاب من الأراضي المحتلة، سيناء في مصر، والجولان في سوريا، والضفة الغربية للمملكة الأردنية.

التعنت الإسرائيلي وانتهاء صلاحية السلطة الفلسطينية التي تم تعليبها في حكم ذاتي لا يرتقي إلى سلطة بلدية، والوقت المهدور في مفاوضات على المفاوضات منذ أوسلو، أعاد القضية إلى مربعها الأول: أراضٍ محتلة على إسرائيل الانسحاب منها بقرارات دولية.

في المحصلة..

ما حاولت أن أقوله للملك في عجالة وقت على صيغة مداخلة: أن العودة لتلك الأصول في الصراع العربي - الإسرائيلي هي مساحة شاسعة للسياسة الأردنية لو توفرت الإرادة لذلك، ويعني ببساطة «العودة إلى قواعد الاشتباك في مدريد» وبلا «مظلات تسلل».