الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

أزمة فنزويلا.. والتماثل العربي

لوهلة، أمام أحداث فنزويلا الأخيرة، تشعر وكأنك أمام بلد عربي!. التناقضات العربية ذاتها، والخطاب العربي ذاته، ولكن من قلب العاصمة الفنزويلية كاراكاس هذه المرة، ولذلك: فإنه ليس من المستغرب أن يكون العرب هم أكثر المشدودين لتتبع نهاية الصراع الدائر في فنزويلا، وهذا لأن السؤال الذي تفرضه الحالة الفنزويلية هو السؤال العربي ذاته الذي يُطرح عند كل أزمة تتعرض لها الدولة: هل ما يحدث هو مؤامرة خارجية، أو فشل في السياسات الداخلية؟!.

أزمة اليسار الفنزويلي لن تختلف كثيراً عن أزمة اليسار العربي؛ الحماس الثوري المفعم برومانسية الرؤى المستقبلية، تواجهه الفوضى السياسية وصراع الأحزاب، وضجيج الخطاب الاشتراكي المنادي بالعدالة والمساواة ينكشف عن انهيار اقتصادي وارتفاع في منسوب الفقر، والانشغال بالقضايا الخارجية فاقم حدة القضايا الداخلية وعطل حلولها، يبدو إذن، أن ثمة مرضاً يسارياًّ لا تنجو دولة يسارية من نوباته.

وبعيداً عن تفاصيل أزمة الانقلاب السياسي في فنزويلا وتداعياته المحلية والدولية، أشير إلى إحدى القراءات التي أحالت الأزمة الاقتصادية التي تقع تحت تأثيرها فنزويلا اليوم، إلى مرحلة ارتفاع أسعار النفط في عهد الرئيس الفنزويلي السابق هوغو تشافيز، والتي أدت إلى طفرة اقتصادية شغلت تشافيز عن استثمار الثروات المتنوعة في بلد غني بالموارد مثل فنزويلا، فوجه اهتماماته نحو مشروعه الثوري (البوليفاري) الذي انحاز لقضايا دول خارجية، ودخل في صراع مع دول الجوار ومنها الولايات المتحدة الأمريكية، وحين انخفضت أسعار النفط منذ عدة سنوات تعرضت فنزويلا لهزة اقتصادية أدت إلى حالة الانهيار الاقتصادي اليوم في عهد نيكولاس مادورو.


إن اعتماد فنزويلا على النفط، كمصدر رئيس للاقتصاد، وتحديداً، في السنوات العشرين الماضية يشبه إلى حد كبير اعتماد الدول الخليجية على النفط لعشرات السنوات، دون البحث عن مصادر بديلة أو مساندة له، وخصوصاً في مجالي الإنتاج والتصنيع اللذين يدعمان الاستقرار الاقتصادي ومن ثَم الاستقرار السياسي.


وهنا يتجلى التماثل العربي مع الحالة الفنزويلية في أزمة اليسار ووقوعه في حالة انفصام بين المشروع والخطاب وواقع الحال، وفي فتنة النفط بأسعاره المرتفعة التي قد تنخفض بين عشية وضحاها إلى أدنى المستويات مخلفة نتائج كارثية لم تكن بالحسبان.

وربما نكون، نحن العرب، قد واجهنا ووعينا أزمة اليسار وتداعياتها المؤلمة، ولكننا لم نعِ بعد خطورة الاستغراق في الاعتماد على النفط مصدراً وحيداً للثروة.. فهل نتعلم الدرس من فنزويلا قبل أن نصير جزءاً من حالتها؟!