السبت - 04 مايو 2024
السبت - 04 مايو 2024

بعض البدع لا يمكن تركها

في الحديث الصحيح، عن أم المؤمنين، السيدة عائشة ـ رضي الله تعالى عنها، قالت قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رد»، وفي رواية صحيحة: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا، فهو رد» ولا يمكن التمعن في الروايتين السابقتين، دون إمعان النظر في حديثين مشهورين آخرين، الأول قاله رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ووجهه الشريف يتهلل فرحاً بتفاعل صحابته الكرام ـ رضي الله تعالى عنهم أجمعين ـ مع دعوته لهم من أجل التصدق على غيرهم من المحتاجين، ونصه هو: «من سنَّ في الإسلام سنة حسنة؛ فله أجرها، وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سنَّ في الإسلام سنة سيئة؛ كان عليه وزرها، ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء».

والحديث الثاني، قوله ـ صلى الله عليه وسلم: «..من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي؛ تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ..»، وهو حديث ثابت، حاول البعض التشكيك في ثبوته.

أشهر مثال أجده مناسباً، لفك اللَبس فيما تقدم ذكره: (صلاة التراويح)؛ فالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يَسُنَّها، وصلَّاها لَيالِيَ معدودة، ثم تركها بعد ذلك، ولم تؤثر محافظته عليها، ولا جَمَعَ صحابته من أجل أن يصلوها، ولا كانت في زمن خليفته سيدنا أبي بكر الصديق ـ رضي الله تعالى عنه ـ من بعده، وجاء الفاروق سيدنا عمر بن الخطاب ـ رضي الله تعالى عنه، وجَمَعَ الناسَ على أدائها، بل وندَبهم إِليها، وسماها «بدعة»، ومدحها بقوله لهم: «نعمت البدعة هذه»، وتقبلها الناس بعده.


وثبت عند الأمة كلها، حتى عهدنا هذا، أن هذا الفعل لم يخالف أي أصل من أصول الشريعة؛ والأمثلة عن البدع التي لا يمكن أن يُستغنى عنها اليوم لا يمكن أن تنتهي، ومن ذلك الاشتغال بعلم قواعد اللغة العربية، وإنشاء الروضات والمدارس والجامعات، وبناء الكباري والسدود، والتوسع في اللذيذ من المأكل والمشرب والملبس.