الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الجزائر تغلي .. و«العهدة الخامسة» للشارع

تسارعت الأحداث في الجزائر بشكل لم يكن متوقعاً، ما دفع حتى بعدد كبير من أنصار الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة للتخلي عنه حين بدأت المظاهرات الحاشدة تزحف إلى شوارع ومدن الدولة، فيما صممت الحكومة على تحذير المتظاهرين والتلويح باستخدام القوة.

يتحدث الجميع عن «الفرصة الضائعة» لخروج الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة من «الباب الواسع»، مستنداً إلى نقاط عدة تحسب له منذ أن حكم البلاد قبل 20 عاماً، حين وصل إلى قصر المرادية عام 1999 بمشروعي «الوئام» و«المصالحة»، ونجح إلى حدٍّ كبير في استعادة الأمن والأمان في بلدٍ أنهكته الصراعات.

لكن الرجل الذي عرفه الجزائريون بخطاباته النارية منذ أن كان شاباً يافعاً يقود وزارة الخارجية الجزائرية وعمره لم يتجاوز 35 عاماً، قد تغير. والصورة الذهنية لرئيس الدولة القادر على الإنجاز تغيرت، ومزاج الشارع في الجزائر أدرك أن الرئيس منذ مرضه الأخير قبل سنوات لم يعد قادراً على قيادة الدولة، بينما تزداد حالته الصحية تعقيداً، وتتواصل جولاته العلاجية بين باريس وجنيف (حيث يوجد حالياً).


وسط هذه الأوضاع الصعبة، جاء الإعلان عن عزم الرئيس الترشح لفترة خامسة، ليكون بداية لموجة غضب لن ترضى هذه المرة بأي مسكنات.


بوتفليقة الذي لم يتحدث إلى الشعب منذ آخر خطاب له بمدينة سطيف عام 2012، لم يعلق على موجة الاحتجاجات، ولكن حسب قادة البلاد فهو «يدير الدولة ويراقب أدق التفاصيل»، حسب التصريحات الحكومية التي صبت المزيد من الزيت على نار مظاهرات الغضب في الشوارع، فتدفقت المظاهرات المليونية إلى الشوارع، واتسعت رقعة الغضب حتى وصلت العاصمة، وبدا أن السلطة ضغطت على كل الأزرار الخاطئة دفعة واحدة، وأن الشارع خرج من أجل مطالب واضحة، ولن يعود دون تحقيقها.

الجزائر اليوم في عين العاصفة، شارع يشتعل غضباً، ورئيس يتلقى العلاج في أوروبا، وحكومة مرتبكة فشلت في مواجهة الغضب، وأعطت الرسائل الخاطئة فرد عليها المتظاهرون «لا نريد لا نريد .. لا بوتفليقة ولا السعيد»، ورغم الأعداد الكبيرة التي احتشدت في المظاهرات، فإن المحتجين راقبوا بدقة سلمية التظاهرات، وانتبهوا مبكراً لمحاولات تشويه حراكهم عبر عمليات شغب.

تعيش الآن الجزائر مرحلة مخاض عسير، فالشارع أعلن رأيه بوضوح تام، وتدفق بالملايين للشوارع رفضاً لأشخاص وسياسات حكمته طوال 20 عاماً. وبينما يرتفع منسوب الغضب في الشارع، يتلقى الرئيس علاجه في إحدى مستشفيات جنيف، وفيما يغلي الشارع وتقترب المهلة النهائية للترشح للانتخابات من نهايتها اليوم، تكتفي السلطة بإعلان مدير جديد لحملة الرئيس الذي أشعلت حالته الصحية المرتبكة غضباً قد يغيّر وجه الجزائر للأبد.