الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

السبيل إلى مَأسَسة القمم العربية

الأيام تقترب من موعد انعقاد القمة العربية في دورتها العادية الجديدة، في حين أنّ كل ما يعيشه العرب من أحوال يجعل توصيف حالة الطوارئ ينطبق عليهم بامتياز، إذ تحاصر معظم الدول العربية أزمات تخص أوضاعها الداخلية السياسية والاقتصادية، كما يعاني العرب من أنواع مضافة إلى فواتير أزماتهم العادية على صلة بالخلافات البينية المتصاعدة، التي أصبحت سمة واضحة في الوضع العربي.

منذ بضع دورات كان التمثيل في القمم العربية غير مكتمل على مستوى الزعامات، وهو ما يعكس حالة الانقسام التي يبدو أنّها لا تزال مستمرة بقوة في القمة المقبلة، كما أنّ التمثيل المنخفض يدل بوضوح على أنه لا يوجد إجماع حقيقي على تبني قرارات قابلة للتنفيذ، وأنّ معظم المقررات والتوصيات الواردة في البيانات الختامية هو تكرار لما جرى تسطيره في القمم السابقة ولم يتم تنفيذه، فيبدو كلّ ما يصدر حشواً إنشائياً، لعله أصبح من مستلزمات إكمال القمم العربية.

ثمّة حاجة للانتقال بالقمم العربية من صيغة الاجتماع السنوي الذي تنتابه العثرات والمفاجآت، إلى صيغة مؤسسية فاعلة، تتولى متابعة تنفيذ القرارات ووضع شعوب الدول أمام حقائق حول المنجز والمتعثر في التوصيات التي تبنّاها الزعماء، ويمكن الإفادة من الجامعة العربية في ذلك، لكن من دون أن تضيع المؤسسة المقترحة في دهاليز إدارية للجامعة، ويتبدد الهدف المنشود من قيامها.


إنّ مأسسة القمة المقترحة هنا، لا يمكن أن تولد من دون إيمان حقيقي بدور التكامل العربي في مواجهة أزمات تحدق بمجمل بلدان العرب، وإنّ مَن يظنّ أنه ناجٍ من تأثيراتها السلبية سيكون واهماً لا محالة.


لذلك من باب أولى، أن يفكر العرب بتجديد أساليب وصيغ واتفاقات التعايش والتعاون ومواجهة الأزمات بروح المسؤولية التي لا يستثنى منها غني أو فقير أو قوي أو ضعيف بين العرب، لأنّ سمات الغنى والفقر والقوة والضعف قد تشمل الجميع، حين تقع أزمات كبيرة أو تندلع حروب أو يتسع نطاق المنظمات الإرهابية، كما حدث سابقاً في احتلال ثلثي مساحة العراق وأكثر من نصف مساحة سوريا، وكذلك في ليبيا واليمن. وذلك كله قابل للتناسل والانتقال عبر الحدود مهما كانت الدول محصّنة، إذا لم يرتق التضامن العربي إلى حالة مؤسسية غير خاضعة لتأثير الرجّات الطارئة.