الاثنين - 06 مايو 2024
الاثنين - 06 مايو 2024

إيران وأمريكا .. ولعبة خلط الأوراق

لدى إيران وعي بأن تقليص نفوذها في سوريا لن يخدم استراتيجيتها على المدى المتوسط والبعيدلن تقف إيران مكتوفة الأيدي أمام الزيارات المتكرّرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لموسكو خوفاً من ضغط إسرائيل على الكرملين لتعديل مشروع «التسوية السياسية» في سوريا، كما أعلن عنه بوتين، وهو مشروع تقوده كل من روسيا وتركيا وإيران.

خلفيات هذا القلق هي احتمال تأثير إسرائيل على سياسة روسيا في سوريا والمنطقة، خصوصاً أن روسيا بدأت تتجاوب أخيراً في مفاوضاتها مع أمريكا وإسرائيل مع طلب إضعاف الترسانة العسكرية الإيرانية في سوريا، في سياق ما أطلقت عليه بالبحث عن «الحل الوسط»، وصولاً إلى توازنات سياسية ترضي القوى الكبرى المتصارعة حول المنطقة.

المحتمل أن إلغاء زيارة نتانياهو إلى روسيا التي كانت مقرٍّرة غدا الخميس لا تعود خلافا لما ذكرته مجلة«يسرائيل ديفينس» الإسرائيلية إلى انشغال نتنياهو بالتحضير للانتخابات التشريعية الإسرائيلية للكنيست، وإنما إلى صعوبة المقترح الإسرائيلي القاضي بالحسم في مسألة التخطيط لإنهاء النفوذ العسكري في سوريا، ومطالبة بوتين بموقف شبه نهائي من هذا الملف الشائك.


ويحتمل، كذلك، أن هذا الإلغاء جاء أيضاً من اقتراح بوتين لأن الظروف السياسية في المنطقة غير ناضجة، الآن، لمزيد من التداول في قضية تحجيم إيران في سوريا، التي أصبحت لا تطمئن إلى هذا التقارب الجديد ما بين روسيا وإسرائيل.


هناك وعي لدى إيران بأن تقليص نفوذها في سوريا، وفق منطق حساباتها السياسية التي استثمرت فيها أموالاً كثيرة، لن يخدم استراتيجيتها على المدى المتوسط والبعيد، لأن هدفها من التموقع العسكري هو تعزيز لأيديولوجيتها في المنطقة، القائمة على بُعد ديني طائفي، لأن الخيار العسكري في المنظومة الفكرية الإيرانية ما هو إلا منصة لربح معركة الأيديولوجيا في إطار تدافع الأيديولوجيات والسياسات بالمنطقة.

في هذا السياق، كشفت بعض المصادر الاستخباراتية أن إيران، اليوم، فتحت حواراً سريّاً مع الولايات المتحدة في إطار صفقة سياسية تضمن لها حقها في التموقع الجيو ــ استراتيجي في سوريا وفي حضورها السياسي بالمنطقة، وذلك تحسباً لأي تراجع أو فتور روسي يضر بمصالحها ويقزّم أهدافها، وهذا ما جعل روسيا اليوم، تتريث في تطوير مفاوضاتها مع إسرائيل تجنباً لأي انعكاسات سلبية في علاقتها مع إيران.

وعليه، ألا يعتبر هذا المستجد السياسي في علاقة الولايات المتحدة بإيران مؤشراً دالاً على تحولات سياسية وجيو ــ ستراتيجية قد تكون لها انعكاسات سلبية على علاقة أمريكا بدول الخليج؟، أو بالأحرى ألا يعتبر هذا الحوار السرّي مدخلاً لخلط الأوراق السياسية في المنطقة والتحضير لعلاقات جيوستراتيجية جديدة؟