الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

وسائل التواصل الاجتماعي.. مجتمعات بلا أقنعة

مواقع التواصل الاجتماعي أسّست منصات للحوار وأخرى للعنف الفكري واللفظي تجاه الآخرعندما تتصفح وسائل التواصل الاجتماعي في عالمنا العربي ترى حقيقة مجتمعاتنا كما هي، بلا أقنعة، ودون مواربة أو مجاملة، فما نقرأه في هذه الحسابات يثير حالة من الخوف والحيرة معاً، الخوف من حجم الرفض الذي نمارسه ضد الآخر، ومدى العنف المكبوت الذي يبحث عن متنفس لتفريغه، والحيرة من كمية مساحيق التجميل التي نتجمل بها في عالمنا الحقيقي.

لا جدال في أن مواقع التواصل الاجتماعي خلقت واقعاً جديداً في عالمنا، وعزّزت من دور الإعلام، كما أسّست منصات للفكر والحوار، إلا أنها في ذات الوقت تعج بكم مخيف من العنف الفكري واللفظي تجاه الآخر، وهنا لا أتحدث عن القضايا السياسية الرئيسة التي قد تثير حالة من الاصطفاف، بل عن الأمور الحياتية العادية، التي تقبل القسمة على عشرة، وليس على اثنين فقط.

ما يحدث على وسائل التواصل الاجتماعي مؤشر حقيقي على ما يدور في مجتمعاتنا، ولا بُد لمؤسساتنا أن تقوم بدراسة وتحليل هذه المواضيع، كونها المؤشر الأدق على مشاكلنا الاجتماعية والفكرية التي إن تم تجاهلها قد تكون لها انعكاسات لا تحمد عقباها على جيل بأكمله.


اليوم ونحن في حرب مع الإرهاب والعنف وخطاب الكراهية، نتذكر كيف استباحت جماعات متطرفة الفضاء الإلكتروني وعاثت فيه خراباً وفساداً، وغرّرت بشباب وفتيات من مشارق الأرض ومغاربها، ونحن في سبات عميق، ولم نحرك ساكناً حتى قامت دولة للإرهاب التي تحالفت ستون دولة للقضاء عليها، ولم تُجتث من جذورها بعد.


حالة العنف المكبوت في حسابات التواصل الاجتماعي، لا تحتاج إلى أكثر من شرارة لتنتقل من الواقع الافتراضي إلى الواقع الحقيقي، وهنا مكمن الخطورة، والمتابع للأمور في العديد من دول المنطقة يرى الكثير من الأمثلة التي تبدأ بمنشور على مواقع التواصل الاجتماعي، ثم تأخذ كرة الثلج بالتدرج، لينتهي الأمر بحالة من الغليان والاحتقان، ولا أحد يعرف إلى أين تنتهي الأمور.

بالمحصلة، علينا ألا نكون مثل النعامة التي تدفن رأسها بالرمال - كما يقال - ولنبدأ بمعالجة مشاكل مجتمعاتنا بصورة جذرية، وألا نكتفي بإصدار قوانين للعقوبات التي تجرّم الكراهية والعنصرية والترويج للإرهاب، فالقوانين هي آخر العلاج كالكي، ولكن علينا أن ندرس فضاءنا الإلكتروني لنعرف مشاكل مجتمعاتنا ونبحث عن أفضل الحلول لها.