الأربعاء - 15 مايو 2024
الأربعاء - 15 مايو 2024

أصحاب الهمم .. والدعم «الوقفي»

في ماضينا العربي القديم وحاضرنا المعاصر أسهم ذوو الهمم في إثراء الحياةمن الإبداعات الجميلة في دولة الإمارات تغيير مسمى المعاقين إلى أصحاب الهمم، وهي تسمية جميلة لفئة مهمة في المجتمع، فالله تعالى قد يبتلي الإنسان في جسده، ولكنه جل جلاله يعوض عبده خيراً، فالهمة العالية لا تقف عند حدود معينة بل تطمح للأعلى، ومن همة أصحاب الهمم أني أعرف شاباً منهم ابتلاه الله في بصره، ولكنه يتواصل معي بالاتصال وبالرسائل المختلفة عبر تطبيقات التواصل، وفي دورس العلم ويسأل ويناقش، فهمته تفوق همة الأسوياء.

كما أذكر رجلاً آخر من أصحاب الهمم ابتلي في بصره أيضاً، كلمته ذات مرة في موضوع فقال لي: سأرسل لك رسالة عبر البريد الإلكتروني، فاستغربت جداً من قدرته الكبيرة على التأقلم مع الواقع، ولا أنسى أحد طلاب حلقات التحفيظ من أصحاب الهمم بدنه ضعيف جداً، ولكنه لا يشارك إلا في فروع الأسوياء ويتفوق عليهم، وأتم حفظ القرآن الكريم كاملاً.

من الخطأ الكبير أن نشعر هؤلاء الأبطال بالنقص وبأنهم عالة على المجتمع، بل هؤلاء من أسباب تقدم المجتمع، وعلينا أن نتعاون معهم وأن نشعر بأهميتهم بيننا، وكم من معاق قدّم لمجتمعه وبلده الشيء الكثير في مختلف المجالات، فمنهم علماء وأدباء ومفكرون ومخترعون واستفاد الناس منهم جداً.


وفي تاريخنا الإسلامي هناك ما يدل على إسهام ذوي الهمم في إثراء الحياة، ومن أمثلة ذلك: أن مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده الشريف عبدالله ابن أم مكتوم كان أعمى، بل كان عليه الصلاة والسلام يستخلفه على المدينة النبوية، ومن الأمثلة المعاصرة الأديب المصري الكبير: مصطفى صادق الرافعي فقد كان أطرش، وقدّم للأمة العربية نماذج راقية من الأدب الرفيع العظيم مثل: «أوراق الورد» و«السحاب الأحمر» وغيرها من الكتب الأدبية.


المهم هنا، التأكيد على أن لأصحاب الهمم إبداعات كبيرة تحتاج منا رعايتها وتطويرها، ولو قامت الجهات المختلفة بدعمهم عن قناعة تامة بأهمية دورهم في المجتمع، فإن النظرة إليهم ستتغير تماماً، خاصة إذا جُعل في بعض الأوقاف نصيب مفروض لتطوير مهاراتهم، بحيث يصرف منها لأجل تحقيق مصالحهم وحاجاتهم،، فعندها سنرى إبداعات لا حدود لها ومهارات كامنة تظهر للناس.