الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

أبعاد جديدة للشراكة بين الهند والإمارات

تتمتع الهند ومنطقة الخليج العربي بروابط سياسية وثقافية وتجارية عميقة الجذور، ترجع إلى آلاف السنين، وتعززت هذه العلاقات أكثر منذ قيام الدول الحديثة في الخليج العربي تلبية لمقتضيات معاصرة، ونتيجة لتشابك المصالح الوطنية وتقارب المجتمعين العربي والهندي في القيم والمبادئ الاجتماعية.

وتمثل الإمارات بالنسبة للهند البلد الأكثر تفضيلاً بحكم تقارب المجتمعين في مبادئ الاعتدال والوسطية والانفتاح والتحرر والتنوع والتعايش والتسامح، وفوق ذلك التقاء المصالح الوطنية الاستراتيجية، وقد حرصت القيادات الحكيمة لكلا الطرفين على تجاوز المألوف في تعزيز العلاقات بين الجانبين ودفعها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة بما يخدم مصالح كلا البلدين.

وفي الآونة الأخيرة تنوعت أوجه التعاون بين الجانبين لتشمل النفط والأمن والدفاع والتجارة والاستثمار والطاقة المتجددة، والأبحاث في العلوم والتكنولوجيا، والتعليم والتربية والتنمية المستدامة ومكافحة التطرف والإرهاب وما إلى ذلك، غير أن التعاون في مجال الطاقة برز كأحد القطاعات الأكثر اهتماماً من قبل الجانبين، نظراً للأهمية الاستراتيجية التي يحتلها أمن الطاقة للبلدين، خصوصاً للهند التي تعد ثالث أكبر مستهلك للنفط في العالم بعد الصين والولايات المتحدة.


وتقدر الهند عالياً الاستثمارات الإماراتية الضخمة في قطاعات عديدة، ويحتل مشروع «رتناجيري» للتكرير والبتروكيماويات مكانة بارزة، وهو مشروع ثلاثي يتم تنفيذه بالشراكة بين الجانب السعودي والهندي والإماراتي، وتبلغ قيمته 44 مليار دولار، وهو أيضاً أكبر مصفاة في العالم، كما تثمن الهند دور الإمارات في تخزين النفط الخام لدعم احتياطات الهند النفطية.


التعاون الثنائي بين الهند والإمارات في مجال الطاقة يتصدر أوجه التعاون الأخرى بين البلدين، ويقدر حجم التبادل التجاري السنوي بين البلدين بـ 50 مليار دولار، فالهند ثاني أكبر شريك تجاري للإمارات، والإمارات ثالث أكبر شريك تجاري للهند، وتستورد الهند ثمانية في المئة من احتياجاتها النفطية من الإمارات، ومن جهتها أعلنت الإمارات العربية المتحدة عن إنشاء صندوق بمبلغ 75 مليار دولار للاستثمار في مشاريع البنى التحتية التي ستلعب دوراً كبيراً في تنمية الهند.

وتشكل الجالية الهندية الكبيرة في الإمارات المقدرة بـ 3.3 مليون همزة وصل قوية بين البلدين، وتسهم في تعميق هذه العلاقة الوثيقة التي تزدهر على مر الأيام، وبصفتي مشتغلاً في الحقل الأكاديمي أتمنى أن يمتد التعاون إلى الجانب الثقافي أيضاً، فهناك إمكانات هائلة للتعاون في هذا المجال.