الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

الزعيم بين العقاد وطه حسين

«أحبه الشعب حب التقديس».. هكذا وصف عباس محمود العقاد حب الشعب المصري للزعيم سعد زغلول، وكان العقاد صديق سعد وشديد الإعجاب به، حيث اعتبره زعيماً عالمياً عظيماً.

أما د. طه حسين صديق العقاد، فقد كان قلقاً من هذا الحب، هو لم ينكر على سعد زعامته ولا الدور الوطني الذي قام به، لكنه أراد أن يكون الحب غير أسطوري.

وازداد قلق طه حسين بعد الخلاف الشهير بين سعد زغلول وعدلي يكن، حول التفاوض مع الإنجليز، وإثر هذا الخلاف قامت مظاهرة تهتف: «الاحتلال على يد سعد خير من الاستقلال على يد عدلي»، وقد اعتبر د. طه ذلك الشعار بغيضاً، لذا راح سنة 1924 يكتب سلسلة مقالات في «السياسة الأسبوعية» ينتقد فيها سعد.


وكان طه حسين يحذر من أن الأمة لم تعد تفكر لأن الزعيم يفكر لها، ولم تعد تقرر لأن الزعيم يقرر نيابة عنها وهكذا، وقد أحيل د. طه إلى النيابة العامة بسبب تلك المقالات، لأن سعداً كان رئيساً للحكومة التي كان طه حسين موظفاً بها، وحفظ التحقيق.


كتب د. طه تلك المقالات رغم أنه كان مديناً بجميل لسعد زغلول، ففي مايو 1914 نال د. طه الدكتوراة من الجامعة المصرية، وكانت أول دكتوراة تمنحها الجامعة في تاريخها.

كانت رسالته حول «أبو العلاء المعرى» الذي صنف في ذاكرة كثير من مشايخ الأزهر باعتباره زنديقاً، ولذا راحت بعض الصحف تهاجم الجامعة والرسالة وصاحبها أنها بدأت مسيرتها العلمية برسالة عن زنديق، وهكذا تقدم نائب في المجلس التشريعي بطلب أن توقف الحكومة دعمها لتلك الجامعة، وكان سعد زغلول رئيس لجنة الاقتراحات والشكاوى بالمجلس، فاستوعب النائب واقنعه بسحب الاقتراح، لأن هناك اقتراحاً مضاداً سوف يقدم بشأن وقف الحكومة دعمها للأزهر الشريف، لأن هذا الطالب درس أولاً في الأزهر وهو ابن من أبنائه، وهكذا أغلق سعد بابا للفتنة وللضجيج ضد طه حسين.

ولم يكن لسعد أي مكرمة لدى العقاد، فقد التقى العقاد بالزعيم، بينما كان هو صحافياً وسعد كان وزيراً.

لكن في ذلك الزمن لم يكن امتداح المسؤول أو الزعيم لغير الصالح العام والقضايا الوطنية، وهكذا كان انتقاده أيضاً، ولذا كان لدينا صحافيون وكتاب في وزن العقاد وطه حسين.