السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

مئة عام من العزلة في «نتفليكس»

«لا أحب أن أرى الكولونيل أورليانو وقد تحول إلى أنطوني كوين» .. كان هذا رد الروائي الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز، على العرض الذي تقدم به الممثل العالمي أنطوني كوين، لتحويل روايته «مئة عام من العزلة» إلى عمل سينمائي.

بالطبع، لا يشكك ماركيز المهووس بالسينما في قدرات كوين على تجسيد شخصية بطل روايته، لكنه لا يريد لهذه الشخصية أن تستقر في ملامح رجل واحد، كما أنه لا يريد أن تسرق قرية (ماكوندوا) من خيال القراء، لتتحول إلى مكان تصنعه رؤية مخرج واحد، يؤول أحداثها وفق قراءة أحادية.

ماركيز يعرف قبل غيره، أن الرواية تصنع عالماً مختلفاً مع كل قارئ، وأنها تعيش وتنمو وتتطور باختلاف القراء واختلاف جغرافياتهم وثقافاتهم، وأن تحويلها إلى فيلم سينمائي، سيقف حائلاً بين هؤلاء القراء وحرية خيالهم، لأن السينما وبحسب تعبير ماركيز نفسه، تصنع صورة محددة جداً لدرجة أن المشاهد يتوقف عن تخيل الشخصية كما يريدها.


بعد أربع سنوات على مغادرته هذا العالم، وافقت أسرته على بيع حقوق الرواية الأشهر في تاريخ هذا المبدع الكبير، وربما هي الرواية الأشهر في النصف الثاني من القرن الماضي لصالح شركة نتفليكس الأمريكية، لينتهي بذلك زمن تخيلها المتواصل من قبل أجيال جديدة من القراء، ويبدأ عصر تجميدها في إطار مغلق لا يمكن تخطيه عند قراءتها. خصوصاً أنها ستولد تصويرياً في زمن فيه بلغت حيل الإخراج وتكنولوجيا الخدع السينمائية مدى لم تبلغه من قبل.


الرواية عالم مستقل يصنع من الكلمات، من الاستعمال الخاص للغة .. يظهر فيها الأبطال بملامح متحركة، شبحية، غير مستقرة ولديها وجود غامض في ذاكرة القارئ، بينما تعمل السينما على احتكار هذه الملامح، على تأسيس مادية المكان وتكثيف الزمن وعلى فرض موسيقاها التصويرية.