الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

حساب جدوى معاقبة إيران

الاتفاقات التي وقعها العراق وإيران قبل أيام ، بحضور الرئيس الإيراني حسن روحاني في بغداد، ربطت منظومات أساسية في الحياة الاقتصادية العراقية ـ بما فيها الخدمات الحيوية مثل الكهرباء ـ بالعجلة الاقتصادية لإيران.

وبات في المنظور العملي والإجرائي، أنّ أية عقوبات أمريكية تؤذي مفاصل معينة في إيران ستجر الأذى لا محالة إلى العراق المرتكز على تلك المفاصل، أي أنّ إيران والعراق على حد سواء في مرمى العقوبات الأمريكية، إذا كانت مسألة العقوبات ذات تأثير جدي، وستخضع لمراقبة وتشديد كما كانت العقوبات المفروضة على العراق لمدة ثلاثة عشر عاماً.

الحدود الطويلة التي تصل إلى ألف ومائتي كيلو متر بين العراق وإيران، لها كلمتها الفاصلة في ملف العقوبات، ذلك أنه من الصعب على أي أحد في العراق أو المحيط الإقليمي يصدق أنّ الدعم اللوجستي الإيراني لميليشيات ومقار عسكرية تابعة لها تحت مسميات عراقية، ولها امتداد في سوريا أيضاً، ستخضع للعقوبات مثلاً، لذلك فإنّ العقوبات الاقتصادية بالقياس لذلك ستبدو مسألة صغيرة سهلة التجاوز لإيران في تأمين الأمور الأساسية لها عبر خط التهريب الكبير الذي لا يزال مفتوحاً لما يسمى (التعاون العسكري) لمحاربة الإرهاب، فكيف الحال أمام عبور ضروريات الحياة الاقتصادية والأموال تحت سقف التغطية الشرعي في اتفاقيات ومشاريع استثمارية؟


ليست العقوبات المالية في النطاق الدولي حاسمة ضد دول تمتلك مساحات واسعة الاتصال مع محيط إقليمي فاعل وبحاجة للتعامل معها لأسباب سياسية وأمنية فضلاً عن الاقتصادية، ويمكن ملاحظة أنّ الدول المحيطة بإيران لها أكثر من وجه في العلاقات مع الولايات المتحدة، وهي العراق وأفغانستان وباكستان وتركيا ومجموعة من دول حوض بحر قزوين الخاضعة للتأثير الروسي ـ التركي المزدوج، فضلاً عن ساحلها الطويل على البحر، وكل ذلك يؤكد أن الولايات المتحدة لا تملك جميع مفاتيح الضغط على إيران، لا سيما أنّ العقوبات ليست صادرة عن مجلس الأمن وليست لها إلزامية في التنفيذ.


يبقى ضرورياً التذكير بأنه خلال زيارة روحاني تم الإعلان عن تسديد مائتي مليون دولار من ديون إيرانية على العراق في مجال الكهرباء، وتم توزيع فيلم لنقل تلك الملايين عبر مطار النجف إلى طهران، وفي المحصلة يمكن القول: لقد استطاعت إيران من خلال حزمة الاتفاقات الاستراتيجية مع العراق، أن تحمي نفسها من أي استهداف أمريكي.