الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

أخلاق عالِم.. وحاجة العامّة

أعرف أحد المشايخ الكرام أعطاه الله علماً واسعاً وأخلاقاً حسنة، فترى الناس يحبونه ويحرصون على حضور مجالسه ولا يفرطون فيها، بل يتابعه الناس من بلدان بعيدة، وعندما تأملت في سيرة هذا الشيخ الفاضل وجدت جوانب مهمة تستدعي أن نتوقف عندها، ومن هذه الجوانب حسن أخلاق شيخنا الجليل، فتراه يلاطف الصغار والكبار، ويتحدث إليهم بتواضع وترحيب واهتمام، فلذلك أقبَلَ الناس عليه، وهذا هو المنهج النبوي في الدعوة إلى الله، فالنبي عليه الصلاة والسلام دعا الناس بأسلوب حسن وأخلاق رفيعة عالية فأقبلت الوفود عليه ودخلوا في دين الله أفواجاً.

ومن الجوانب المهمة عند شيخنا سهولة طرحه ووضوح كلامه، فالدعوة إلى الله ليست مسابقة في البلاغة واختيار غريب الكلام ووحشيه، بل ينبغي على الداعية أن يتحدث بأسلوب سهل وميسر فقد يسمعه طفل صغير أو رجل أمي كبير، فإن خاطبهم بلغة صعبة على الفهم لم يقع المقصود من الدعوة، وألاحظ أيضاً من شيخنا أنه يطرح المواضيع النافعة التي يحتاج الناس إليها.

فأحياناً يذكر شيئاً من قصص الأنبياء، ويتكلم في مجالسه عن السيرة النبوية وما فيها من دروس وعبر، والناس تحب سماع القصص جداً، وتراه يتكلم عن مسائل فقهية يكثر السؤال عنها، ولا يترفع عن تعليم الناس ما يحتاجون إليه فلو احتاجوا إلى تعليم مسائل الوضوء والطهارة قام بتعليمهم ببشاشة وجه وطيب نفس، وأيضاً جنب شيخنا الناس سماع ما لا ينفعهم بل قد يضرهم، وباختصار هو قريب من واقع الناس ومشاكلاتهم.


إن العامة من الناس لا تحتاج إلى التنظير السياسي أو قراءة الأخبار عليهم كما يفعله بعض من ابتلي بالخوض في مسائل السياسة، بل إنها في حاجة ماسة لسماع الذكر والموعظة والتذكير، بل يصرح كثيرون منهم أحياناً، بالقول: نريد سماع شيء يرقق القلب، وكم من داعية خاص في مسائل السياسة وغيرها ثم انتهج نهج العنف والتطرف والغلو وإثارة الرأي العام، من مهام الداعية إلى الله تعليم الناس، والحرص على قدر الاستطاعة على أن يكون قريباً منهم، فقد تكون عند بعض الناس مشكلة تحتاج إلى علاج وتوجيه، أو يحتاج إلى من يسمع منه همومه ومشاكله، فلا ينبغي للداعية إلى الله أن يهمل هذا الجانب.