الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

«عبّارة الموصل» .. الخلل أكبر من الغرق

فاجعة غرق العبّارة في نهر دجلة في الموصل الخارجة لتوّها من حقبة الإرهاب، كشفت عن خلل كبير في بنية الإعداد الإداري والسياسي لمرحلة ما بعد دحر تنظيم داعش في المدن العراقية الرئيسة، إذ باتت الإدارات المحلية تعمل تحت (شرعية) تبرير أي تقصير، ما دامت مرحلة الإرهاب قد انتهت، في حين أنّ ملايين العراقيين كانوا ينتظرون الشروع بالإعمار والبناء، لما جرى تدميره مع تغيير في القيادات المفصلية في تلك المدن، التي كشفت زيارة رئيس الحكومة العراقية في يوم غرق العبارة ومقتل العشرات من الأهالي عن ذلك الخلل في الهياكل الإدارية المفصلية في الموصل بوصفها ثاني أكبر مدينة عراقية بعد بغداد، غير أنّ الإعلام والمجتمع المدني والناشطين كانوا قد طالبوا مراراً بإحداث تغيير يتناسب مع معنى التحرير، خشية أن تساور بعض المرضى أحلام الإرهاب الميتة كما حدث في العام 2014.

ومن النادر أن يلجأ رئيس حكومة عراقية للطلب من البرلمان، في رسالة علنية إلى رئيسه، لإقالة المحافظ ونائبيه، وهذا أقصى ما يتيحه الدستور العراقي لرئيس الحكومة من صلاحيات في تغيير قيادات المحافظات، ولم يكن هناك خيار أمام المسؤول الأعلى، وهو يعاين عن قرب تلك الانهيارات الإدارية في ذلك الجزء الحيوي من العراق، إلاّ اتخاذ القرار المناسب من دون تأخير، لكن المسألة التي تبدو، في وجهها الآخر، تلبية لمطالب الشارع الملتهب في الموصل، والتي لا يمكن النظر إليها على إنها الوصفة العلاجية الناجعة لإعادة إحياء أهم مدن العراق.

الخلل الواضح لا يقتصر على مفصل قيادي واحد في الإدارة تمثل بالمحافظ ونائبيه، وإنما ثمّة خلل أبعد يخص البناء العام لنظام التصريف السياسي والعلاقات المتداخلة بين سلطات مدنية وعسكرة وأمنية وميليشياوية، وهي من مخلّفات مرحلة، كان الإرهاب يحتل فيها ثلث مساحة العراق، في حين أنّ الحياة العراقية التي بدأت تتنفس ببطء الهواء الجديد يلزمها ضمانات من مفاصل نظام العملية السياسية كلها، لكي لا تحدث انهيارات مجدداً، وتعود بالأذى على الإنسان قبل الدولة.


آليات التفكير بتجاوز مرحلة الإرهاب، لا تزال غير مؤهلة للمهمة، والمتسلّلون من الثغرات لا يمكن إيقافهم من دون تفعيل القوانين المضادة للفساد بما يتجاوز التوافقات السياسية المصطنعة .