السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

زميلي الروبوت

نقاشات منتدى الإعلام العربي الثامن عشر، في جلساته وورش عمله، تناولت التغيرات والتحديات التي يشهدها الإعلام العربي، وهذا المنتدى كان سبّاقاً في استشراف مستقبل الإعلام منذ دوراته الأولى .. وجلسات ذكرتني بالمقولة الشهيرة للكاتب والمفكر والعالِم في دراسات المستقبل ألفين توفلر، وهو مؤلف كتاب «إعادة التفكير في المستقبل»، يتحدث عن أُميّة القرن الحادي والعشرين ويقول: «الأميون في القرن الحادي والعشرين ليسوا من لا يقرؤون ولا يكتبون، لكن أميي القرن الجديد هم الذين ليست لديهم قابلية تعلم الشيء ثم مسح ما تعلموه ثم تعلُّمه مرة أخرى».

وهذه النظرية تنطبق على مجالات الحياة كافة (قابلية تعلم الشيء ثم مسحه ثم تعلمه مرة أخرى)، ومنها الإعلام، بل تنطبق على الإعلام بشكل أكبر وأوضح.

فالإعلام في هذا العصر المتغير والمتطور تكنولوجياً يواجه التحديات بشكل يومي وسريع، الأمر الذي يجعل أي مؤسسة إعلامية تتعامل ببطء وتقليدية مع المستجدات تبقى خارج سباق المستقبل، ما يعني أنه لم يعد كافياً أن تتغير المؤسسات الصحافية والإعلامية، وأن تتبع أحدث خطط التغيير، بل عليها أن تكون مستعدة لأن تتبع هذا التغيير بتغيير جديد طبقاً لأحدث المستجدات، والتغيير في عالم الإعلام لم يعد مرتبطاً بخطة خمسية أو حتى خطة سنوية، وإنما أصبح مرتبطاً بشكل مباشر بالتطور التقني الذي يشهده العالم.


المؤسسات التي لن تكون أسرع من الجمهور في التعامل مع التكنولوجيا المتطورة ستكون في خطر حقيقي، ليس خطر التراجع في المنافسة وإنما خطر الخروج من المنافسة، بل الاختفاء من الساحة الإعلامية نهائياً، فقد أصبح الجمهور اليوم يتعامل مع الأدوات الإعلامية مباشرة ويستخدمها بكل سهولة.


أما المؤسسات الإعلامية فلا تزال تحتفظ بشيئين مهمين، الأول هو المهنية والحرفية الإعلامية، والآخر هو أخلاقيات المهنة والمصداقية، والمتغيرات الأخيرة أكدت أن عدم مواكبة هذين الأمرين عبر اللحاق بالتطور التكنولوجي يجعل المؤسسات الإعلامية تخسر وتتراجع، خصوصاً مع ظهور «الإعلامي الروبوت»، الذي سيكون زميلنا الجديد في صالة التحرير وعلى شاشة التلفزيون، والذي ستكون تكلفته أقل، ويعمل بلا كلل ودون ساعات عمل محددة، إضافة إلى حلول الذكاء الاصطناعي المتعددة والمتزايدة في مجال الإعلام.

واقعياً، الإعلام التقليدي دخل غرفة الإنعاش، وهو بحاجة إلى جهد وعمل كبيرين، لإعادة تلك المؤسسات إلى الحياة، كما كانت سابقاً، وهذه مسؤولية الإعلاميين والقائمين على الإعلام معاً، من خلال التفكير بأساليب جديدة للعمل في المؤسسات الإعلامية.