الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

ورطة الجزائر.. والاستنجاد بزروال

تتجه الجزائر هذه الأيام في تغيرها السلمي ـ مرحلياً وإلى أجل مسمَّى ـ نحو صناعة تاريخها بصوت عالٍ لكنه يظهر خلاف ما يبطن، وبصيغة سلوكية تنم عن حضور التجربة الدموية القريبة باعتبارها حالة ضاغطة، وواقية من انزلاق أصبح وشيكاً إن استمرت القوى المتصارعة والمتناقضة في غيِّها بما يشي بعمى البصيرة، مع أن الفعل الجماعي في حركة الشعب يكشف ظاهرياً عن وعي متجاوز ميراث السلطة، ومحلق في فضاء بعيد، بالرغم من حضور الدولة بقوة لجهة التوجيه غير المضمون من ناحية النتائج.

مهما يكن، فإن الجزائر ـ الشعب والجيش ونظام الحكم ـ أمام امتحان عسير، فبالنسبة للشعب فرغم شرعية بل وأهمية ما يقوم به فهو اليوم في ورطة لجهة أن مطالبه الظاهرة تختفي وراءها أخرى ذات ثقل تنوء بحمله الدول الكبرى، تبدأ من السعي إلى تحسين الأوضاع المعيشية، وقد تنتهي بالثورة على الجغرافيا والفضاء والانتماء والنسب، ولأن الوعود شبه وهمية، ومعظمها يتطلب حلولاً سحرية ليست جاهزة في الحاضر، ولن تتحقق في المستقبل القريب، فإن الطريق إليها يمر عبر خطاب استهلاكي هو نتاج الثقافة السياسية المتوارثة، ما يعني أن مجال الحركة يتم في المساحة المرسومة من طرف النظام.

أما بالنسبة للسلطة، من حيث هي مصالح، فإن الصراع من أجلها بلغ ذروته حين تمّ توريث السلطة مبكراً لشقيق الرئيس برضا براغماتي أو بخوف معاشي، أو بضغط سياسي وعسكري وأمني، واليوم يُخْرج الوريث ـ الذي حجر على أخيه ـ بضغط الشارع وقوته، استجابة لمحركيه ـ من التاريخ، ويسعى ضمن فريقه إلى عرقلة المسار التاريخي للدولة الجزائرية، وهكذا تتساقط أوراق الستر فتكشف عورات أهل الحكم، وجماعات المعارضة، وستظل عارية إلى فترة، لا أحد يدري مدتها.


أما الجيش، فإن وضعه أصعب حيث هو اليوم بعيد عن التصنيف، فلا هو في السلطة، ولا هو قادر على تحقيق مطالب الشعب المشروعة ومراجعة غير المشروعة.. إنه حسب مصادر مطلعة يدفع الأمور باتجاه إنشاء مجلس رئاسي، رجاله من الماضي عبر بوابة المستقبل.. هنا كثر الحديث عن عودة وشيكة للرئيس السابق اليمين زروال، ولن يعمر في السلطة إلا شهوراً قليلة، وذاك أمل، ولكن نتمنى ألاَّ يكون الترحيب به على طريق الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك، حين قال له بعفوية في قصر القبة بالقاهرة: «أرحب بأخي الرئيس اليمين سروال».