الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

دروس مستفادة من ميلاد الناتو

يحتفل الناتو هذه الأيام بعيد ميلاده السبعين، وهي فترة استثنائية للتحالف العسكري؛ لكن الاحتفالات في واشنطن تضاءلت قليلاً بسبب العقيدة الجديدة لوجهة نظر الرئيس دونالد ترامب، القائلة: «إن حلف الناتو قد عفا عليه الزمن، وإن الولايات المتحدة تغطي حصة من الميزانية أكبر مما ينبغي، وإن التحالفات يجب استبدالها بناء على مصالح الولايات المتحدة». في الواقع، لا تستمر معظم التحالفات العسكرية والاستراتيجية لأكثر من عقد من الزمان، حيث تبدو علامات الخلاف بادية بين دول مجلس التعاون الخليجي بعد أن لعبت دوراً رئيساً في حماية دول الخليج العربية، من التهديد الذي تمثله إيران بقيادة الخميني.

ومع ذلك، لم تنته التحالفات الإقليمية كما يتضح من تأسيس الهيئة الإقليمية للمحافظة على البحر الأحمر وخليج عدن في الثاني عشر من ديسمبر الماضي في الرياض: ست دول متاخمة لهذين الممرين البحريين، وهي: الأردن، ومصر، والسودان، وجيبوتي، واليمن والصومال لبت دعوة المملكة العربية السعودية.

من المؤكد أن تجمّع هذه البلدان من شأنه أن يعزز من التعاون الجمعي مع مختلف المسائل بدءاً من الأمن البحري ووصولاً إلى التنمية الاقتصادية، وحتى تعزيز العلاقات الثقافية.


يبقى أن نرى كيف سيتم تحقيق هذه الأهداف الطموحة، من حيث التمويل والتنسيق؛ لكن السبب وراء هذه المبادرة المفاجئة لم يتضح بعد للمراقبين الخارجيين: العلاقات الثنائية قوية بالفعل بين معظم هذه البلدان التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالجغرافيا والتاريخ، لكن ما هي المشاريع الجديدة الناشئة عن هذا التحالف؟، وهل ستعزز التماسك الإقليمي أم أنها ستتكاتف في وجه الأعداء الحاليين أو المنافسين المحتملين؟ إضافة إلى ذلك، لوحظ أنه بينما لعبت السعودية دوراً في المصالحة بين إريتريا وإثيوبيا، فقد رفض هذان البلدان الانضمام إلى المنظمة حتى الآن، ولا شك أن إثيوبيا لا تستفيد من الوصول المباشر إلى البحر، ولكنها تبدي اهتماماً كبيراً بالقضايا البحرية: فهي على وشك إطلاق أسطولها التجاري والعسكري.


ومع وجود أكثر من 100 مليون من السكان والزخم الاقتصادي القوي، وكذلك مشاركتها في الإدارة المعقدة لحوض النيل، جنباً إلى جنب مع السودان ومصر، يبدو من الصعب تخيل نجاح التحالف دون مشاركتها، كما يمكن قول الشيء نفسه عن اللاعبين الإقليميين والدوليين الآخرين المهتمين بأمن وتطوير هذا الممر البحري.