السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

تنامي الانقسام العالمي

نشهد في السنوات الأخيرة تزايد حالات الصراع والانقسام في العالم، حيث تتزايد حالات استقطاب القوى السياسية والمعارضة في المجتمع أيضًا في العديد من دول العالم.

والأهم من ذلك كله يتجلى في الفجوة المتزايدة بين الفقراء والأغنياء، فخلال الخمسة عشرة سنة الماضية، ازداد عدد أصحاب المليارات في العالم وزادت ثرواتهم بمقدار مليارين وخمس مئة مليون دولار يوميًا، بالمقابل وفي الوقت نفسه فإن مداخيل الفقراء لا تنمو، بل وغالباً ما تنخفض.

إن حدة الخلاف السياسي الداخلي في الولايات المتحدة حول شخصية الرئيس الأمريكي الحالي «دونالد ترامب»، والانقسام الفعلي للمجتمع البريطاني بشأن قضية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والحركات الانفصالية في كتالونيا واسكتلندا، وخلافات إنجلترا وإيطاليا حول الهجرة، وعقوبات الاتحاد الأوروبي ضد المجر وبولندا.. إلخ، حالات جميعها تعد دليلاً دامغاً على تنامي الخلاف عالمياً.


والدليل الرئيس الأهم على تزايد الانقسام في العالم هو العزلة المتزايدة بين الغرب والعالم الإسلامي، نشهد لسوء الحظ، غياباً للتسامح وتنامياً في التعصب من كلا الجانبين.


لقد كتب كثيرون عن المتطرفون الإسلاميون، كما تحدثوا عن تمكّن أولئك المتطرفين ـ داعش ـ من إنشاء دولة كاملة على أراضي سوريا والعراق، تبيّن أنه لا يمكن هزيمتها إلا بالوسائل المسلحة، لهذا تزاد الحاجة إلى بذل جهود مشتركة للقضاء على الأساس الأيديولوجي لهذه الظاهرة، ومن ناحية أخرى، بإمكاننا أن نرى عدداً متزايداً من المظاهر الوحشيّة للتعصب العنصري والديني تحت ستار الحاجة إلى مقاومة الأسلمة.

إن حملة الإسلاموفوبيا التي نشأت في الغرب تعزز الخوف من الإسلام، الدين العالمي العظيم، الذي يدعو بشكل أساسي إلى السلام والتضامن وتحسين الصفات الأخلاقية الإنسانية، مع أن هناك عمليات إرهابية هي من نتاج المجتمعات الغربية وأبنائها، فمثلاً في عام 2011، أطلق النرويجي أندرس بريفيك النار على 77 من مواطنيه وأصيب ضعف عدد الأشخاص، بحجة أن سلطات البلاد لا تفعل شيئاً ضد عملية أسلمة المجتمع النرويجي، ثم في مارس الماضي، قام أحد أتباع بريفيك، المدعو برينتون تارانت بإطلاق النار في مسجد بنيوزيلندا وقتل 50 شخصاً من المصلين وأصاب 50 آخرين بجروح.

نحن ندفع الكثير بسبب تقسيمنا العالم، وإثارة مشاعر الكراهية والاحتقار للناس من مختلف الأعراق والأديان والجنسيات، واليوم، بدلاً من الكلمات الطنانة حول أهمية مكافحة الإرهاب والتطرف، لا بد من العمل سوياً لمنع خلق بيئة من الخوف في مجتمعاتنا واتخاذ تدابير عملية لتثقيف الجيل الجديد باحترام الشعوب والثقافات والحضارات الأخرى.