الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

التغيير من أجل الاستقرار

طوق النجاة وسر الحياة للمجتمعات الإنسانية، وأيضاً لاستمرار الأنظمة السياسية، هو سيادة مفهوم التغيير، والمعنى الأكبر لهذا الأخير هو انعكاس لمفهوم التجدد .. التغيير هو فعل حتمي، إما أن تقوده أو يقودك، هو كالحصان الجامح إما أن يجرك أو تروّضه.

معظم زعماء العالم، حتى الحاليين منهم، استمروا أو نجحوا أو قادوا بطرح مفهوم التغيير، ساركوزي كان سيد التغيير في فرنسا بغض النظر عن الجدل الذي دار حوله، وبعده بفترة ركود جاء ماكرون كتغيير يضمن استمرارية النظام بمفهومه العام، وعندما انتخب أوباما رئيساً للولايات المتحدة حمل شعار التغيير، حتى العودة إلى الجذور في بعض المراحل، كما جاء ترامب، هو نوع من التغيير الهادف إلى استقرار المجتمع والتجربة.

تجديد الدماء أو إدخال ملامح مختلفة من داخل المجتمع في هيكل الحكم والإدارة هو ذلك المستوى من التغيير الذي أتحدث عنه، والقادر على إحداث التغيير المدروس المحكوم بنية الاستقرار .. للدلالة هنا: أن التغيير ليس بالضرورة نسف الواقع واستبداله بواقع جديد، وإنما من يقود الواقع يمكن أن يقود التغيير.


استمرار الاستقرار في المجتمعات الكبيرة ـ الاستقرار بمفهومه الأشمل ـ يرتبط بتبنِّي أفكار مرتبطة بمفهوم التغيير باعتباره أسلوباً ووسيلة، وهذه نقطة أساسية أعتقد أنه ينبغي إعمالها في السلوك والتصرف لمن أراد من النظم الحفاظ على استقرار مجتمعه.


التغيير ليس قرين عدم الاستقرار، التغيير لا يعني عدم الرضا بما هو قائم، وإنما كما قلت يعني في بعض الأحيان تدعيم الاستقرار القائم وتطوير مفاهيم المستقبل.

العديد من المستويات والمواقع نحتاج فيها إلى طرح هذا المفهوم، وأتحدث هنا عن كل المستويات في أي مجتمع، سواء داخل جماعات الحكم أو المعارضة أو النخبة، وأيضاً داخل مؤسسات المجتمع المختلفة.

هذا الفهم للتغيير كان غائباً عن كل النظم التي تعرضت للاهتزاز، بل وانهيار بعضها، خلال العقد الأخير، إذ اختلط مفهوم الاستقرار بحالة السكون والركود، وتصور من كانوا يديرون الأمور وقتها أن بقاء الحال على ما هو عليه هو ضمانة الاستمرار .. الخطأ هنا كان مركباً، الفهم الخاطئ للاستقرار وتجاهل الرغبة الإنسانية لدى مواطنيهم في الشعور بتجدد حياتهم، وهكذا أفلتت قيادة التغيير من منطق الاستقرار إلى نزعة الإطاحة ونسف الواقع.