الأربعاء - 08 مايو 2024
الأربعاء - 08 مايو 2024

الجيش الوطني الليبي.. وعودة الدولة

المعركة العملية والجادة من طرف الجيش الوطني الليبي لتحرير طرابلس ـ العاصمة ـ من سيطرة الجماعات الإرهابية، فعل عسكري مشروع ومطلوب وضروري، حيث استعمال القوة عبر طريق وعر لاستعادة الدولة الليبية، التي تعاني اليوم من انهيار الجبهة الداخلية أوَّلاً، ومن لعبة الأمم ثانياً، ومن تربص بل وتصفيات أطراف دولية على الأرض الليبية في ظل غياب شبه مطلق لسلطة الدولة ثالثاً.

لا شك أن هناك تأييداً لما يقوم به الجيش الليبي من بعض الدول ذات الصلة، مثلما هناك أيضاً دعم من بعض دول الجوار ولو كان خفياًّ، ومراقبة دول جوار أخرى الموقف بحذر، وهي تتخوف من أمرين، الأول: تدفق الجماعات الإرهابية نحو أراضيها، والثاني: لجوء قوى معادية للجيش الليبي إلى الاحتماء بدول تقوم بأدوار تحول دون عودة الدولة الليبية.

واضح أن دول الجوار (مصر، تونس، الجزائر، تشاد) لا تنظر إلى ما يحدث في ليبيا من زاوية واحدة نظراً لاختلاف مصالحها، الأمر الذي عقد الأمور خلال السنوات السبع الماضية، وقوَّى من وجود الأطراف الخارجية ذات الإرادات المتصارعة، والتي تمكنت من فتح منافذ في الجبهة الداخلية تحولت مع الأيام إلى بؤر توتر، وعملت على تكوين وتثبيت الجماعات الإرهابية، ومنها: داعش على الأرض الليبية.. إن عودة الدولة تصنع الآن.. صحيح أن تكلفتها النهاية لم تتضح بعد، البشرية منها والمادية، وأن نهايتها لجهة النصر الكامل مرهونة بشروط موضوعية، لكن مع ذلك كله هي خطوة إلى الأمام.


وإذا نظرنا إلى«طوفان الكرامة» من منطلق صدق النوايا والتصريحات الداخلية، فإنها معركة العزة فعلاً بغض النظر عن التأويلات والنتائج، أمّا ما يصدر من مواقف من بعض السياسيين في الدول المجاورة، ومنها ما كتبه الرئيس التونسي السابق من أن ما يقوم به الجيش الوطني الليبي ضد الحراك في الجزائر، فإن ذاك يعد نوعاً من التشويش على عمل وطني انتظره الشعب الليبي لسنوات، مع عدم نكران تأثير أحداث الجزائر في الدول المغاربية جميعها.


قد تكون الجزائر لحسابات أمنها الوطني غير راضية عما يحدث في ليبيا نتيجة مخاوف جغرافية وأمنية أكثر منها مجتمعية أو بشرية أو حتى عسكرية، كما أنها ضد أي تدخل خارجي من العجم والعرب، إضافة إلى رفضها لقيادات راهنة في الجيش الليبي على خلفيات سابقة، لكن مهما تكن المواقف، فإن مصالح الليبيين وحاجتهم في عودة الدولة مسألة مصيرية، وهذه لن تتحقق إلا بانتصار جيشهم في معركته الراهنة.