الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

أحلامنا.. وصفيحة «النارنج»

من الأمور المؤلمة التي تحبط شغف الإنسان تجاه حلم أو مشروع ما، قد لا يملك من مقوماته سوى الإرادة والإيمان بذلك الحلم، أن تجد أقرب المقربين منك يستهزأ بك وبحلمك وبمثابرتك نحو تحقيقه.

تحضرني قصة امرأة بسيطة، نزحت من الريف إلى المدينة، لظروف عمل زوجها الذي كان يعمل عامل بناء، كان البيت أشبه بقن الدجاج، كانت تصرخ بصمت لافتقادها الزرع والماء والخضرة من حولها، الأبنية الأسمنتية تلّف زوايا البيت إلاّ من طاقة صغيرة كان يتسرب إليها شيء من أشعة الشمس صباحاً حتى قبل الغروب بقليل، وفي غمرة ضجرها نهضت من فورها وتناولت صفيحة فارغة وملأتها بتربة زراعية أحضرتها معها من الضيعة، وبذرت فيها حبوب النارنج، وبذكاء ريفية أخذت تحرك الصفيحة كل يوم باتجاه أشعة الشمس المتسربة من بين الأبنية لنافذة بيتها الصغير، حينما رآها زوجها وضحك عالياً واتهمها بالجنون، ومن استحالة بزوغ برعم لأي زرع في ظل هذه الغابة الأسمنتية.

لم تلقِ لاستهزائه بالاً، بقيت على عادتها تحرّك الصفيحة، وفي يوم كان زوجها ينفث دخان سيجارته من النافذة، جال ببصره حتى وقع نظره على الصفيحة، فشهق بعلوّ صوته، «تعالي يا مرة شوفي صار عندنا نارنجة»!


الأحلام وإن كانت عصية في نظر البعض، فهي ليست مستحيلة في من يتبناها، المرأة الفلاحة آمنت بحلم استزراع النارنجة، كانت تملك البذور والتربة وضوء شمس قليل، كبرت النارنجة وما عادت الصفيحة تتسع لجذورها، فاضطر الزوجان لنقلها وزرعها في مدخل المبنى اللذان يسكنانه، كبرت النارنجة حتى وصلت حدود نافذة البيت، لتملأ رائحة النارنج جادة المبنى وزوايا بيتهما الصغير!