السبت - 04 مايو 2024
السبت - 04 مايو 2024

الحرب في طرابلس.. على من ستقع أوزارها؟

من المتوقع أن تكون نتائج المواجهات العنيفة بين ائتلاف المجموعات المسلحة لحكومة الوفاق الوطني وقوات الجيش الوطني - في حالة استمرارها - وخيمة على ليبيا خاصة، وعلى التوازنات السياسية في شمال أفريقيا كلها عامة.

بالتأكيد هناك أسباب ذاتية لها ارتباط بدوافع الجيش الوطني الجهة المبادرة إلى الحرب، منها: محاولة إثبات ذاته بعدما حالت ظروف كثيرة دون تحريره مناطق واسعة خاضعة لميليشيات الإسلام السياسي، وأثرت في قدرته في المشاركة الفعالة في الحملة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» في سرت عام 2016، فضلاً عن بروز توترات من داخل صفوفه نتيجة اختلافات في تقديرات المرحلة وتدبيرها.

وبالرغم من تباين المواقف بخصوص هذا الحدث العسكري، الذي له أهداف جيوــ استراتيجية بتدبير داخلي وخارجي فالمعلومات الاستخباراتية لا تخرج عن تأكيد سببين مفسرين لحملة الجيش الوطني على طرابلس، أولهما: مرتبط ببعد سياسي داخلي له علاقة بانعقاد المؤتمر الوطني، الذي قد يجمع كل القوى الوطنية، ونظراً لاحتمال خروج هذا المؤتمر بنتيجة اقتسام السلطة، وبتقليص النفوذ السياسي لقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، فقد لجأ هذا الأخير إلى الحرب من أجل تحسين موقعه التفاوضي باحتلال مواقع استراتيجية قرب طرابلس أو داخلها.


ثانيهما، سبب ديبلوماسي له علاقة بإرباك ثقة الأمم المتحدة وتركيا وقطر في حكومة السراج المعترف بها دولياً، باعتبارها حكومة ضعيفة غير قادرة على رفع التحديات السياسية المرتقبة في المنظور القريب، وأن التفاوض معها في مؤتمر الحوار الوطني هو مضيعة للوقت على اعتبار أن القوة الوحيدة الكفيلة بتحقيق التوازنات الداخلية هي قوات الجيش الوطني


ويتخوف المراقبون من يكون اتخاذ قرار الحسم العسكري خاطئاً باعتبار أن الحرب في طرابلس ليست بالأمر السهل، إذ تأكّد سابقاً في بنغازي وبرقة ودرنة وهي مناطق صغيرة مقارنة بطرابلس ومدن الغرب، أنها قد أخذت من الجيش الوطني وقتاً طويلاً وبدعم دولي كبير، كما أن القوى الأمنية لا يستهان بها في التصدي لقوى الجيش الوطني، حيث هناك كتائب مصراتة ذات القوة الضاربة، فضلاً عن المكونات العسكرية والثورية المتأهبة لخوض هذه الحرب بالرغم من هول نتائجها.

ويمكن لهذه الحرب أن تسفر على نتائج سلبية في شمال أفريقيا، إذ يمكن أن تؤدي المعارك غرب العاصمة الليبية إلى نزوح مدنيين ومحاولة تسلل إرهابيين عبر الحدود الجنوبية، خصوصاً أن هناك ستة آلاف إرهابي يستعدون للعودة من مناطق النزاع بالشرق الأوسط إلى أفريقيا واستعمال ليبيا كبوابة رئيسة لتسلل ونشر التطرف العنيف.

أخيراً، يبقى أن الخيار العسكري من طرف الجيش الوطني الليبي يمثل ضرورة بالنسبة للجيش من أجل استعادة الدولة الليبية، وإن كان بعض المراقبين يرى فيه كثيراً من التسرع، نظراً لنتائجه السلبية المحتملة ضد الشعب الليبي وشعوب شمال أفريقيا برمتها، لأن هذه الحرب في نظر بعض المراقبين، ستفسح المجال لانتعاش التطرف العنيف وإدخال المنطقة في توترات عميقة، وقد يكون من مجمل نتائجها: إرجاع شمال أفريقيا ووسطها وجنوبها وغربها إلى سنين طويلة من التخلف والظلام.