الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

إعلام المعايير المزدوجة

إعلام المعايير المزدوجة
لا أحد يجادل في وجاهة أن تحمل أية وسيلة إعلامية راية الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان، ولكن أن يتحول هذا الأمر إلى سلعة تفتقر لأبسط أساسيات العمل الأخلاقي، وأن يرى البعض أن القانون وجد ليطبق على فئة دون أخرى، وأن أنظمة الدول وأعرافها وتقاليدها مستباحة، فإن مئات التساؤلات تفرض نفسه، فمَن يرى وجوب احترام قوانينه عليه أن يحترم قوانين الآخرين.

في السنوات الأخيرة، أخذت وسائل إعلام دولية على عاتقها التصدي لأي قضية قانونية تواجه أحد رعايا دول محددة كقضية رأي عام، معتبرة أن كل ما يقوله المتهم هو الحقيقة دون بحث أو تدقيق، لا بل على العكس تماماً فهي مستعدة لتلقف تغريدة أي شخص يدعي أن دولة ما اعتقلته أو اعتقلت قريباً له، لتبدأ ماكينة النشر بتداول الموضوع بشكل غير موضوعي، ولا يرتقي إلى أبسط أساسيات العمل الإعلامي القائمة على الموضوعية وتحري الدقة.

الكثير من المدانين أو ممن يخضعون لإجراءات قانونية من جنسيات محددة باتوا يرون في هذا الانجرار الإعلامي غير المهني طوق النجاة الذي يتشبثون به، فتجدهم بمجرد توجيه أي تهمة إلى أحدهم أو حتى توجيه سؤال بسيط، يسارعون إلى كتابة المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، وربطها بحسابات مؤسسات إعلامية دولية، لتشكيل نوع من الضغط على الأجهزة الأمنية والقضائية وللتملص من عاقبة تصرفاتهم وخرقهم قوانين الدول التي قدموا إليها.


لا توجد دولة في العالم تسعى إلى الإساءة لسمعتها، والإضرار بصورتها، فالدول تعي تماماً أن سمعتها عنصر أساسي من عناصر قوتها، ولهذه السمعة تأثيراتها المباشرة على واقعها الاقتصادي والسياسي، ولكن عندما تنتهك قوانينها فلها الحق الكامل في التعامل مع أي شخص بموجب القوانين التي تطبقها.


حين تدعي وسائل إعلام دولية أن القانون هو أساس تقدم مجتمعاتها وجوهر نهضتها، فعليها أن تؤمن بأن الدول الأخرى في أي جزء من العالم لها الحق في التمسك بالقوانين وتطبيقها دون أي اعتبار لجنسية هذا الشخص أو ذاك، فالأصل أن الجميع سواء أمام القانون، وإلا أصبحت كمن يدعو إلى العودة إلى شريعة الغاب والدوس على مكتسبات آلاف السنين من الحضارة.

باختصار، المعايير المزدوجة التي تتبناها وسائل إعلام تعتبر نفسها أكبر من القانون، دليل إفلاس أخلاقي ومهنية مشوهة، واختراق مالي مسيس لصالح أجندات معروفة لا دليل قوة وقدرة على الضغط.