الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

أبوظبي.. قبلة الثقافة والمثقفين

هناك حزمة من القرارات المضيئة والصارمة في آن واحد، أهمها ثقافة المستقبل التي هيأت الإنسان الإماراتي إلى الأخذ بكل قيم التسامح والتعايش، وبعثها من جديد.. حِراك يقوده شيوخنا لتحويل الإمارات إلى بيئة ثقافية غنيَّة بالقيم الإنسانية والحضارية المشتركة.

ولطالما كانت أبوظبي معقل الثقافة وقبلة المثقفين بامتياز، في ظلِّ ما تطرحه أسئلة المستقبل في «القمة الثقافية أبوظبي 2019»، ومحاولة استخلاص التجارب من عصارة أكثر من 450 خبيراً من 90 دولة، وضع حلول استباقية للتحديات، ولتأسيس ثقافة متسامحة.

أجزم بأنه لا فرق بين الثقافة والمستقبل، فكلاهما لا ينفصلان عن بعض، العمل الثقافي هو فعل المستقبل، والمستقبل هو التجدُّد والتطوُّر، والثقافة المنشغلة بالمستقبل هي الثقافة القادرة على البقاء والاستمرار، فضلًا عن ذلك فالحياة بدون نشاط فكري، وعراك ثقافي فاعل، وحصاد من المناقشات المثمرة، فهي مستنقع آسن لحياة راكدة لا تتجدَّد.

التلاحم الثقافي من خصائص الازدهار الإنساني، وتعزيز التقارُب بين الشعوب، والاستثمار في الفكر والتفكير هو الطريق الآمن للاستقرار والانفتاح، ومن دونهما ستبقى ثقافة العنف هي المنتصرة في المجتمعات العربية والغربية على حدٍّ سواء.. فالثقافة لغة إنسانية مشتركة، قادرة على انتشال أي مجتمع من التخلف والاضطرابات، وهي محاولة جادة لتوحيد الإنسانية تحت مظلة واحدة.

حينما انفصلت الثقافة عن الدين أصبحت مجتمعاتنا بيئة حاضنة للإرهاب، طاردة للسلام والتعايش؛ لأننا حقاً نعاني من مصادر فكرية مسمومة، تجلياتها أقرب إلى إشكالية ثقافية منها إلى الدين السمح الذي نعرفه، بل هي أبعد ما تكون عن أوامر الشريعة من الله، تلك التي يتم تطبيقها على حسب استنباطنا للدين، ومدى طرائق فهمنا للنصوص، وقراءتنا لها أيضاً تحمل فعلاً ثقافيّاً متعصباً أو متسامحاً؟!

إن الثقافة المتسامحة هي وحدها القادرة أن تخلق التفكير الوسطي، والتدين المعتدل لمواكبة المتغيرات، ولأن نمط التدين السابق تم فيه إقصاء دور الثقافة، فضلاً عن رفض الشراكة الثقافية العالمية، لتصبح التكنولوجيا الرقمية سبباً في نشر خطابات التطرف، ومن ثم تم وقف قطار المستقبل، وإبطاء فعله وحراكه، وتحويل الأمة إلى بؤرة صراع وتناحر، وتجريد الإسلام من كل القيم الحضارية التي أضافها في الفكر الإنساني، من حيث احترام العقل، وإشاعة التنوير، وكأننا لم نكن يوماً أمة «اقرأ» و«القلم» و«الراسخون في العلم».