الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

الحوثي وحزب الله.. وخطاب الحروب الإلهية

عندما يصل الهذيان السياسي في خطاب الأمين العام لحزب الله اللبناني إلى اعتبار أن ميليشيا الحوثي تحمي القدس والمقدسات، فمن الطبيعي أن يرى عبدالملك الحوثي أن الحرب الدنكشوتية التي تخوضها ميليشياته ضد الشعب اليمني جاءت بتوجيهات إلهية، ولكن التساؤل الأهم هو: لماذا هذا الخطاب في هذا التوقيت؟، ولماذا أُقحمت القدس في موضوع اليمن؟.

الواقع أن الخناق بدأ يضيق على إيران وأتباعها في المنطقة، حيث صنفت بريطانيا «حزب الله» منظمة إرهابية، وصنفت واشنطن الحرس الثوري كياناً إرهابياً، وقد تصنفه لندن كذلك قريباً، ولا شك أن هذه الخطوات المتدحرجة قد تصل إلى الميليشيا الحوثية أيضاً، لذا فإن اللجوء إلى القضية المركزية في المنطقة، وهي القدس، يغدو أمراً طبيعياً، فلطالما عزفت العديد من الجماعات والمنظمات على هذا الوتر بانتهازية، لمعرفتها أن موضوع القدس جامع لا خلاف عليه، وما يزيد من أهمية هذا الأمر الآن هو الحديث المتواتر عن صفقة القرن وارتفاع منسوب الاهتمام العربي والإسلامي الشعبي بالقضية.

حزب الله يعي تماماً أنه أشد المتأثرين بتصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية، ويدرك مآلات ذلك عليه، ويتابع سياسة التدرج الأمريكية في التعامل مع الملف الإيراني، لذا يعمل على تعزيز خطاب التشكيك في مواقف الدول العربية لخلق حالة من عدم الثقة بين الشعوب وقياداتها، في محاولة منه لتكريس صورته كمقاوم ومدافع عن الدين والمقدسات، مقابل محاولة ترسيخ صورة الأنظمة العربية باعتبارها تخلت عن القدس إرضاء لأمريكيا وإسرائيل.


خطاب «التوجيهات الإلهية» الذي يعتمده الحوثي وحزب الله دليل فشل وضعف حجة، فلو امتلك هؤلاء ناصية الحقيقة لخاطبوا أتباعهم خطاباً عقلانياً صادقاً ينطلق من الواقع وتفاصيله، لكنهم يعلمون تماماً أن عقلنة الخطاب ستكشف عوراتهم وعمالتهم لأجندات دولة، ما زالت تعيش وهم الإمبراطوريات البائدة.


والواضح أن الكيانات التابعة لإيران لم يعُد لديها ما تقوله، وقد تلقت ضربات موجعة قصمت ظهرها، لكنها تكابر وتحاول الظهور بمظهر المنتصر، حتى لا تسقط في أعين أتباعها.

ومن هنا، تجد زعماء هذه الكيانات دائمي الظهور عبر خطاباتهم في كل مناسبة، لمواصلة التأثير في عقول جماهيرهم وعدم إعطائها الفرصة للتفكير فيما يحدث حولها، فكياناتهم قائمة على فكرة، وإذا بدأ الشك فيها يغزو العقول، فإن هذه الكيانات زائلة لا محالة.