السبت - 04 مايو 2024
السبت - 04 مايو 2024

بين رغباتنا والأولويات

يعجبنا أن نكون مميزين، ويسعدنا احترام وتقدير الآخرين، ويفرحنا أن نجد صدى لأعمالنا وكأننا مبتكرون.. وهذا جميعه يمكن وضعه تحت كلمة واحدة وهي النجاح، ومن خلال هذه الكلمة توجد عدة أنواع وتفرعات، فهناك النجاح الدراسي، وهناك النجاح في بيئة العمل أو في الوظيفة، وهناك نجاح أوسع وأكثر عمومية وهو النجاح الاجتماعي، والذي تندرج تحته جميع العلاقات الناجحة سواء أكانت بين الأقارب أم الصحب أم المجتمع بصفة عامة، ولا ننسى في هذا السياق النجاح العائلي أو الأسري، وهو نجاح الأم أو الأب في قيادة أسرته الصغيرة لبر الأمان وفق تربية قويمة وتعليم متمكن وتجنيبهم الخطأ أو التجارب المريرة أو الفاشلة.على الرغم من أن هذه الجوانب يسعدنا النجاح فيها، لكننا نلمس أنها ليست ذات محورية رئيسة في حياتنا، بمعنى أن اهتماماتنا مختلفة ومتنوعة للدرجة التي يصبح البعض من البديهيات التي يفترض أن تكون لها الأولوية تنتقل لتصبح هامشية أو في درجة أقل أو درجة ثانية أو ثالثة، وهذا الذي يمكن أن نصفه بأنه غياب معرفة الأولويات، وهذا الغياب هو الذي يسبب الكثير من المشاكل، على سبيل المثال، تجد أحدهم مميزاً في بيئة عمله ومجتهداً يقوم بمهامه على أكمل وجه، الجميع يثني عليه، ولتحقيق هذا الهدف يضغط على نفسه ويتوتر ولكنه يكتم ويتحمل، والنتيجة أنه يؤجل انفجاره وغضبه حتى يصل إلى منزلة الذي يتحول إلى بيئة من التوتر والقلق لزوجته وأطفاله، لقد منح الأولوية لبيئة العمل على حساب زوجته وأطفاله، ويمكن أن تكون هناك صورة أخرى مختلفة مثل أن يهمل أطفاله ولا يكون لديه وقت لتربيتهم ومنحهم الوقت لفهمهم ومعرفة تطلعاتهم وآمالهم.

هناك مثال آخر لممارسة منتشرة، تتمثل في منح الصحب والأصدقاء وقتاً كبيراً من اليوم، يكون على حساب الأسرة والأقارب، ومن هنا تظهر هوة وشبه قطيعة مع الأقارب.. نحتاج للنجاح، ونحتاج لأن نفعل ما نريده وما نحبه وأيضاً ما نحتاج إليه، ولكن يجب أن يتم جميع هذا وفق توازن وتكامل، ومنح كل جزئية من حياتنا الاجتماعية ما تستحقه من العناية والاهتمام، من دون تغليب جانب على جانب وفي اللحظة نفسها التنبه لما يمسى الأولويات.