الأربعاء - 08 مايو 2024
الأربعاء - 08 مايو 2024

نحن والتكنولوجيا.. وسؤال التدمير الخلاق

هل بإمكاننا اختراع تكنولوجيا خلّاقة مُدمرة؟ أي هل بإمكاننا في عالمنا العربي أن نخترع تقنيات قادرة على هدم خدمات ومنتجات وأسواق تقليدية ليحل محلها خدمات ومنتجات ذكية تعمل بتقنيات حديثة ومبتكرة؟ قد شاهدنا في السنوات القليلة الماضية صعود تقنيات خلّاقة مدمرة في مجالات مختلفة، ففي مجال المواصلات شهدنا ظهور سيارات الأجرة الذكية «أوبر» Uber، وكذلك سيارات «وايمو» Waymo ذاتية القيادة من شركة «غوغل» Google، وفي مجال العقار أبدعت شركة «وي ورك» wework نظام مساحات العمل المشتركة الذكي، وفي مجال الفنادق والضيافة ابتكرت شركة AirBNB سوقها الافتراضي الذي سرعان ما اكتسح أسواق العالم، واحتلت شركة «غوغل» موقع الصدارة في ميادين المعلومات والمعرفة.

لا شك في أن هذه الشركات أصبحت تتمتع بقيمة عالية جداً في عالم المال والأعمال، وقد حققت الثراء لمساهميها على مدى العقدين الماضيين، ولا نزال نقرأ يومياً عن رغبة مؤسسيها بتغيير العالم، وهدم الشركات التقليدية، وبناء عالمٍ جديدٍ على أسس ذكية ومبتكرة.

وبالعودة إلى واقعنا العربي، وقبل أن نحتفل بروح الابتكار والاختراع، يجب علينا أن نأخذ في الاعتبار بُعدين أساسيين في مسألة التكنولوجيا: الأول، بُعدٌ فلسفي، فنحن نُشِيدُ بالتدمير الخلّاق في أماكن كثيرة، بل ونستثمر أموالنا في هذه الشركات المُدَمِّرة، ولكن يبقى السؤال: هل نرحبُ بهذه التقنيات والشركات المُدمِّرة في دُولنا وأسواقنا ومجتمعاتنا؟، والسؤال الأوسع نطاقاً: هل نرحبُ بفكرةِ «التدمير الخلاق» بشكل عام؟، خصوصاً أننا نعيش في دولٍ متحفظة، وضمن منظومة أخلاقيات متحفظة، وكذلك سلوك ديني متحفظ، فكيف لنا أن نشهد أو نرى أفكار «التدمير الخلاَّق» أو سلوكياته في حياتنا اليومية والثقافية والاقتصادية؟، عِلْماً بأن بعض أفكار وممارسات «التدمير الخلَّاق» قد تثير حفيظة بعض المحافظين من كبار السن ورجال الفقه والدين التقليديين.


وأما البعد الثاني، فهو بُعدٌ اقتصادي، فحتى في اقتصاداتنا الأكثر انفتاحاً ثمة رفض لقبول التقنيات المُدَمِّرة في صورتها الكاملة، وذلك بهدف المحافظة على حصصٍ احتكاريةٍ في الأسواق المحلية، وأوضح مثالٍ على ذلك هو تطبيق المكالمات عبر الإنترنت «سكايب» Skype، فإن رفض بعض القوى الاقتصادية لقبول خدمة سكايب تعني أيضاً استحالة ظهور اختراعاتٍ وخدماتٍ وتقنياتٍ «خلَّاقةٍ مدمرةٍ» مثل سكايب.


وبناءً على ما ذُكر، أطرح السؤال التالي للنقاش طالباً التكرم بإبداء رأيكم الكريم: ماذا بوسع شبابنا المخترع والطامح للنجاح أن يفعل في مواجهة بعض القوى المتحفظة اجتماعياً، وكذلك بعض القوى المهيمنة اقتصادياً؟