الثلاثاء - 07 مايو 2024
الثلاثاء - 07 مايو 2024

التعديلات الدستورية.. قنبلة مجهولة التوقيت

في السنوات الأخيرة، انشغل بعض العرب بهموم كتابة الدساتير الجديدة أو تعديل القديم أو تعطيل الساري منها، أو الجدل حول جدوى ذلك كله، ولعل الدساتير الواقعة بين رضا الشعب أو سخطه عليها، كانت من أبرز مسببات الاحتقان والانفجارات، بالرغم من أنّ المواد الدستورية المجردة بمجملها في أي بلد عربي، تبدو نصوصاً مثالية في حياديَّتها الظاهرة.

في العراق، مثلاً، أنجزوا دستوراً جديداً في عام ٢٠٠٥، لا تزال بعض مواده الأساسية موضع خلاف بين مكونات الشعب ومصدر قلق أحياناً، لا سيما فيما يخص العلاقة بين بغداد وإقليم كردستان في مسائل تخص الأراضي والثروات والمداخيل.

وتعالت أصوات سياسية أكثر من مرة، ومن مشارب مختلفة للدفع باتجاه إجراء تعديلات دستورية تعزز الاستقرار، وتبعد شبح التناحر إلى الأبد، لكنهم عادوا واحتكموا إلى صيغ التوافقات السياسية التي حلّت بديلاً لتجاوز عقبات، يرون أنّها لا تزال موجودة في الدستور تخص الحياة السياسية وتوزيع الثروات والسلطات.


في سوريا اقتربت الحرب من نهايتها بعد ثماني سنوات مريرة، وكانت حصيلتها توافق روسي تركي إيراني، لدعم عملية انتقالية في اطار الدولة الحالية تقوم على نص دستوري جديد، وفي الأيام القليلة الأخيرة زار وفد روسي الرئيس السوري، وتباحث معه بشأن ما يمكن بحثه حول الدستور الانتقالي في الجولة المقبلة لمحادثات أستانا.


وفي مصر، أنجز الاستفتاء الشعبي بعد قرار برلماني، تمّت بموجبه الموافقة على إجراء تعديل دستوري يتيح للرئيس الحالي تجديد ولايته لدورات مقبلة، قد تصل إلى عام ٢٠٣٠.

ونقطة الخلاف في العملية الدستورية الخاضعة للتعديل في الإطار الدولي في سوريا، تدور حول طرق الترشيح للرئاسة وعدد الولايات التي يتولاها أي رئيس للبلاد ومدة كل فترة رئاسية.

حتى في السودان، حين قام المجلس العسكري الانتقالي بعزل الرئيس السابق واعتقاله وإعلان البيان الأول، جرى التشديد على إيقاف العمل بالدستور الحالي كخطوة أولى للتغيير.

الجدل الدائر حول الدساتير لا يخص مواد بناء الإنسان وصيانة الحريات، وحقوق المواطنة في التعليم والصحة والثروات القومية، وإنّما جميع الخلافات والمباحثات تصب حول مدة الرئاسة.

ربما بات العرب الآخرين مدعوين للتفتيش بدساتيرهم، حول هذه النقطة الجوهرية وتعديلها، قبل أن تتحول إلى قنبلة مجهولة التوقيت، وأكاد أرى استمرار مخاطر الانفجار المؤجل، لأنّ الحل الذي يرضي هذا الجيل قد لا يرضي الذي يليه.