الاثنين - 06 مايو 2024
الاثنين - 06 مايو 2024

لقد رحلوا.. فلنذكرهم بخير

جاء في الحديث الصحيح أن جبريل عليه السلام قال لنبينا صلى الله عليه وسلم: «يا محمد أحبب من شئت فإنك مفارقه» فالله تعالى هو الحي القيوم، وهو الآخر فليس بعده شيء، وأما البشر فإنهم داخلون في قول ربنا العظيم: (كل من عليها فان)، وعندما نتذكر أحبة لنا رحلوا عن هذه الدنيا، فإنه علينا أن نعظ أنفسنا ونحاسبها، ذلك لأن النهاية آتية لا محالة، وسنواجهها جميعاً، لذا علينا أن نستعد لها.

الاستعداد للنهاية لا يكون بالتفكير السلبي في الموت، وترك العمل، وإدخال الأحزان على النفس، إنما بالعمل الصالح، والسعي العظيم لنيل الحسنات وتحصيل الأجر.. وكم أغبط بعض الموفقين قاموا بمشاريع خيرية عظيمة، نفعها مستمر بعد موتهم بعقود، فهنيئاً لهم الأجر إن شاء الله.

علينا أيضاً أن نستعد للآخرة بالبعد عن أذية الخلق، وظلم العباد، والإحسان إلى أقاربنا وأرحامنا وإدخال الفرح على قلوبهم.. فكم من أقارب كانت العداوة بينهم على أشدها ثم مات أحدهم فندموا أشد الندم على تضييع العمر في خصومات بسبب حطام الدنيا ومتاعها، وكلنا صاحب نقص وتقصير فما أجمل العودة إلى الله والتوبة الصادقة مما مضى، فالله غفور رحيم يحب التائبين، وعلينا أن نحذر من تسويف التوبة وتأخيرها، فقد يستمر التسويف إلى أن يأتي قضاء الله فيتمنى العبد أن يرجع للدنيا للتوبة والعمل الصالح.


وإذا ذكرنا من رحل عنا من الأقارب والأصدقاء والمعارف فينبغي علينا أن نذكرهم بالدعاء والرحمة والمغفرة، فهم بأمس الحاجة إلى الدعاء، وفي الحديث الصحيح الذي ذكر فيه نبينا عليه الصلاة والسلام انقطاع الأعمال عن الموتى خص من ذلك: «أو ولد صالح يدعو له»، فالدعاء للموتى من أعظم ما ينفعهم في قبورهم، ولو تيسر لنا أن نتذكرهم أيضاً بالصدقة فهذا عمل عظيم، والموفق من يبر والديه بعد موتهم بالصدقة عنهم حسب استطاعته.


ومن صور الوفاء الجميلة أن رجلاً توفي له صديق من دولة عربية فأخبر أهله بأنه سيتكفل بمن يؤدي الحج عنه، مع أنه لا تربطه بصاحبه إلا رابطة الصداقة فقط، والغفلة عن الصدقة عن الموتى غير طيبة خاصة مع القدرة والاستطاعة وسعة المال والرزق، ولنحرص أيضاً على أن نذكرهم بالجميل والخير، فهم قد رحلوا عنا وانقطعوا عن الدنيا، فما فائدة ذمهم والكلام فيهم؟!.