الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

«ثالوث ميليشيات».. يعصف بطرابلس

منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي في عام 2011 والليبيون في طرابلس يعيشون حالة من عدم الاستقرار وانتشار الفوضى، نتيجة لتقاسم العاصمة مناطق نفوذ لأكثر من 15 ميليشيا رئيسة مسلحة تعيث خراباً في المدينة، مشكلة ثالوثاً للشر أركانه الإرهاب والتهريب والفساد.

الليبيون عندما ثاروا على واقعهم إبان حكم القذافي ثاروا من أجل مستقبل أبنائهم وازدهار حياتهم، لا من أجل استبدال نظام فاسد بميليشيات أكثر فساداً وإجراماً، بل على العكس، فعلى الأقل أيام القذافي كان هناك أمن وسلطة مطبقة، وليس مناطق موزعة بين عصابات، وميليشيات تعمل على تهريب البشر والنفط، وأخرى متشددة ومتطرفة لا تعرف إلا القتل والتدمير، وثالثة نشرت الفساد الأخلاقي والمالي في كل مفاصل العمل في طرابلس.

لم يمض يوم في طرابلس قبل أن تبدأ عملية تحريرها من قبل الجيش الوطني الليبي من دون حدوث اشتباكات بين الميليشيات في صراعها على النفوذ ومناطق السيطرة، وهذه الحالة لن تختفي ما دامت هذه الميليشيات وداعموها يرون في الوضع الراهن فائدة لهم لتعزيز مكاسبهم والإثراء على حساب المواطن البسيط، الذي لم يعد قادراً على أن يعيش في عاصمته الممزقة بين عصابات إجرامية.


أكثر من سبع سنوات مضت والليبيون يبحثون عن الأمن والأمان، يبحثون عن مستقبل أبنائهم، عن فرص تعليم وتنمية اجتماعية، ولكن لم يروا من وعود سلطات طرابلس سوى الانقسام والاعتماد على الميليشيات لتوطيد حكمهم، دون أي اعتبار لليبي الذي بات يرزح تحت ويلات الفقر في الوقت الذي تمتلك فيه بلاده أكبر احتياطي للنفط في أفريقيا، وتاسع احتياطي مؤكد على مستوى العالم، فهل يعقل أن يكون وضع مواطن هذه دولته بهذا السوء، لولا الفساد المستشري، والإرهاب الذي نشر الخراب هناك؟.


وكما يقال «حدث العاقل بما لا يُعقل، فإن صدق فلا عقل له»، فهل ميليشيات مسلحة وغيرها من العصابات الإجرامية التي تتفق معاً لتشكل كارتيلات إرهابية مليشياوية، يمكن أن تصل بليبيا إلى بر الأمان؟،وهل ستصل يوماً إلى اتفاق سلام يضمن أمن البلاد والعباد؟، ولو افترضنا أن السياسيين والعسكريين الوطنيين توصلوا إلى اتفاقات، فهل أفراد الميليشيات الذين لا يعرفون إلا القتل والنهب والترهيب سيخضعون لسلطة مركزية ويتبعون الأنظمة والقوانين؟.

ما أريد أن أقوله ببساطة شديدة هو أنه لا مستقبل لطرابلس في ظل وجود غابة من الميليشيات الرئيسة والعصابات الإجرامية الفرعية، وإذا لم يتم حسم الأمور وفرض النظام بجيش وأمن وطني على مستوى البلاد كلها فسيبقى الليبيون يعانون ويلات عدم الاستقرار والاقتتال الداخلي.