الاثنين - 06 مايو 2024
الاثنين - 06 مايو 2024

المستشارون.. و«سمكة الجيب»

ذهب رجل إلى حكيم، واشتكى له، بأنه يعيش مع زوجته وأمه وحماته وستة أطفال في غرفة واحدة، طالباً نصيحته فقال له الحكيم: اشتر حماراً وأسكنه معكم، ففعل الرجل ما اقترحه الحكيم.

ثم رجع إليه بعد يومين وقال له: الحال يسوء يا حكيم، فقال له: اشتر خروفاً وضعه معكم، ففعل الرجل ورجع له بعد يومين، وقال له: الحال يزداد سوءاً!، فقال الحكيم: اشتر ديكاً واجعله معكم.

اشترى الرجل الديك ورجع بعد يومين للحكيم، وقال له: لقد أوشكت على الانتحار، فقال له الحكيم: اذهب إلى السوق وبع حمارك، ففعل الرجل وعاد بعد يومين، وقال: الحال تحسَّن قليلاً، فطلب الحكيم منه أن يبيع الخروف، ففعل الرجل، وعاد بعد يومين، وقال له: الحال أفضل كثيراً، فقال له الحكيم: أذهب وبِع الديك، فجاءه بعد يومين وقال له: شكراً يا حكيم لقد أصبحت في أفضل حال، وتناسى الرجل مشكلته الأساسية.


وهكذا تدير بعض الشركات الاستشارية التحديات والأزمات في بعض مؤسساتنا، ويستغلنا بعض المستشارين ويخلقون لنا مشكلة من العدم، فكم مرة سمعت من الشركات الاستشارية (أن التحديات أو المخاطر التي تواجه مؤسستكم هي كذا وكذا ونحن كشركة استشارية عالمية سوف نساعدكم في حلها)، وكالعادة نفرح بأننا تنبهنا لهذه المخاطر، وفكرنا في حلّها قبل فوات الأوان، بمساعدة بعض الشركات ذات الاسم الرنان.


من المفروض أن يكون لدى مؤسساتنا بعد سنوات طويلة من العمل والخبرات التراكمية اليوم الخبرة الكافية في التعامل مع المخاطر أو التحديات، ولكن ماذا تفعل هذه المؤسسات بعد أن أبعدت أصحاب الخبرة لديها والقادرين على تقييم المخاطر والتحديات الحقيقية، وفضلت (التوفير في الميزانية وإحالتهم للتقاعد)، وتم الاعتماد على شركات استشارية، أفضل العاملين فيها لا يعملون لدينا، وإنما في مناطق أخرى من العالم، ويكتفون بتوظيف عاملين جدد بخبرات بسيطة، واعتمادهم يكون في الأغلب على تجارب سابقة لجهات في دول أخرى، قد لا تتلاءم مع وضعنا وبيئتنا، وطالما أننا ندفع لإيجاد حلول، فسوف يستمرون في خلق تحديات ومخاطر جديدة، فبعض هذه الشركات لا يعلمك الصيد ولكنه يعطيك السمكة من جيبك.