الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

نظامي الكنجوي.. المُتَسامِح العَابِر للأزمنة

نظامي الكنجوي.. المُتَسامِح العَابِر للأزمنة
ندوة «الإسلام والغرب.. تنوع وتكامل»، والتي جاءت تحت عنوان «تطور العلاقة بين الإسلام والغرب»، وقام بتنظيمها الأزهر الشريف، ومجلس حكماء المسلمين، في العاصمة المصرية في شهر أكتوبر الماضي، كانت ناجحة بكل المقاييس، وأكدت على أن العلاقة بين الإسلام وأوروبا علاقة محورية مهمة، إلا أنها تتسم بالصعوبة بسبب قيام بعض الجماعات المتطرفة، بمحاولات تشويه صورة الإسلام في الغرب، من أجل تحقيق مصالحها الشخصية، وهو ما يستوجب ضرورة التواصل بين الإسلام وأوروبا، سلباً وإيجاباً؛ لأنه ليس بالضرورة أن تنشأ علاقات تقوم على الاستقرار والرخاء، بل يمكن أن تكون على الجدل والرفض، وسينتهي التواصل حتماً إلى أن الحوار بين الأديان أمر ممكن، وأن الحوار بين أتباع الأديان مطلب حيوي وضرورة قصوى، لتصحيح المفاهيم المغلوطة بين الأديان، وتحقيق التعايش الاجتماعي داخل الوطن الواحد..

في تلك الندوة تردد كثيراً اسم «نظامي الكنجوي»، ووجدت من الوفاء الواجب لهذه الشخصية الكتابة عنها، والتعريف بها، ولو بشكل مختصر.. فالشاعر ولد في (كنجة) إحدى مدن (أذربيجان) عام 1140، وتوفي عام 1209، ومن أبرز خصاله، أنه أحب الحياة ودافع عن الكرامة الإنسانية، وكل مؤلفاته ليس لها أي حدود قومية، فهي تنتمي للبشرية كلها، وقد أسس بها، وبأشعاره مرحلة جديدة للإنسانية، وتأثر كثيرًا بالشعر العربي، ويعد من العباقرة الذين استطاعت أعمالهم أن تسافر عبر الزمن..

نظامي الكنجوي، مصدر للإلهام، وصاحب فلسفة تقوم على السلام، والتفاهم، واحترام التنوع، وتبادل الخبرات، وله مبادئه الداعية إلى الحوار، والتي تعتبر التعددية علامة من علامات الحرية الإنسانية، ويعد من أفضل الأمثلة على الاهتمام بإبراز قيم التسامح والتفاهم، وله بصمته في التاريخ والثقافة العالمية، ويذكر عارفو قيمته بأنه لم يكن من شعراء البلاط، بل كان شاعر الشعب، وعاش في قلوب الناس، ومد جسوراً قوية بين الأزمنة والأمكنة، وأشعاره وتآليفه تخطت الحدود الجغرافية والزمانية، ووصلت للتقاليد العربية، وله اهتمامه الكبير بالعلوم والرياضيات والفلك وغيرها من المجالات..


أختم مقالي بأن قصة الحب المأساوية الشهيرة (روميو وجوليت)، للأديب العالمي المعروف (وليام شكسبير)، تعد واحدة من الإلهامات المستقاة من أدب نظامي الكنجوي، الذي يعود للندوة المذكورة سابقاً، الفضل في الكتابة عنه، رحمه الله رحمة واسعة.