الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

تونس.. و«ميثاق الشاهد الأخلاقي»

رئيس الحكومة التونسية، يوسف الشاهد، أطلق الأسبوع الماضي مبادرة دعا خلالها إلى وضع «ميثاق للأخلاق السياسية لتنقية الأجواء السياسية».. قبل ذلك أطلق خريطة طريق أثارت انتقادات كثيرة بالنظر إلى تأخرها عن الزمن الذي يفترض أن تطلق خلاله.

ميثاق الشاهد الأخلاقي، كما خريطة طريقه، يأتي في توقيت سياسي دقيق، لأنه لم يعد يفصل البلاد عن الانتخابات، التشريعية والرئاسية سوى أشهر قليلة، والميثاق يندرج أيضاً في ظرفية تونسية مشوبة بالانحدار الاقتصادي، فضلاً عن كون الدعوة إلى ميثاق للأخلاق السياسية تذهب بعيداً صوب الظروف الموضوعية التي أدت بالبلاد إلى هذا الوضع، والتي تتطلب علاجات من نوع آخر، بدل المبادرات المراوغة أو خرائط الطريق المتأخرة.

من أجهزة حزب «نداء تونس» جاء الشاهد رئيساً للحكومة، وأُضفيت وقتذاك على ترشيحه الكثير من الآمال.. أدار الرجل ظهره لحزبه ويمّم وجهه شطر حركة النهضة، باحثاً عن الدعم السياسي.


رأت النهضة في الشاهد رهاناً صالحاً للمواقيت السياسية المقبلة، وقدّر الشاهد أن النهضة داعم لا غنى عنه.. تسلّل الشاهد من التصدعات الكبيرة التي طالت حزبه القديم، وعَنّ له أن يستقل بحزبه الجديد، وفي هذه الأثناء لم تتوقف الأحوال التونسية عن التردي؛ في الاقتصاد وفي أثر الاقتصاد في أحوال الناس، لكن الشاهد ظل يرنو إلى مستقبله السياسي، ربما رئيساً مقبلاً، وإن غيّر الانتماءات أو أطنب في مغازلة طرف رآه حليفاً على الرغم مما يفصل هذا الطرف عن حزبه وعن البلاد من حواجز سميكة.


ارتجل الشاهد حركتين سياسيتين في وقت وجيز، خريطة طريق للمرحلة المقبلة، اقتسم فيها «الخسائر» مع الآخرين واستحوذ على «الأرباح»، حيث قال إن حكومته حققت منجزات كثيرة للبلاد، وفشلت حيث تقع مسؤولية الآخرين، وكانت الدعوة إلى ميثاق أخلاقي حركة أخرى لم تمر من دون إثارة جدل ركز على أولوية النجاعة على مسائل الأخلاق السياسية، وهي دعوة وفّرت لبعض المغالين من المعارضين اعتبارها مقدمة لتكميم الأفواه.

خريطة طريق قبل أشهر قليلة من الانتخابات لن يكتب لها التحقق لأنه كان يفترض أن تطلقَ منذ وصول الشاهد إلى رئاسة الحكومة، ولذلك اعتبرت تبريراً للفشل الاقتصادي.

الشاهد حليف النهضة مسكون بطموحه السياسي ـ المشروع ـ الذي اضطره إلى تبذير كل أوراقه من أجل الحفاظ على حبل الوصل بين طموحاته ودعم النهضة، هذا في وقت تتفاقم فيه الأزمة التونسية، التي لا يقدم لها علاجات أو عقاقير، وإنما هو كمن يحلل معادلات الفيزياء بقواعد النحو العربي.