الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

المنهج الإماراتي لحماية البيئة .. مسار وطريقتان

ماذا بمقدور الدول الصغيرة فعله لحماية البيئة؟ .. ثمّة مبادرات تنطوي على تغيير في سلوكنا الفردي، وبوسعنا جميعاً اتخاذها، كأن نقوم بالتقليل من حجم ما نستهلكه وحجم ما نرميه من مخلفات، وأن نعيد تدوير ما يمكن تدويره منها.

يستدعي ذلك قيامنا بإعادة تنظيم أنفسنا وضبط تصرفاتنا، وفي الوقت نفسه، التنسيق مع الجهات الحكومية المختصة كي تدعم سلوكنا الجديد، وذلك من خلال تخصيص صناديق منفصلة للقمامة تساعد على فرز وإعادة تدوير الأنواع المختلفة منها، وكذلك من خلال إصدار القوانين واللوائح التي تُحدِث تغييراً منهجياً في سلوكنا .. وهكذا نكون قد استخدمنا كلا الأسلوبين: التغيير الطوعي الاختياري، والتغيير الإجباري بسلطة القانون.

كما يوجد نوع آخر من المبادرات يمكننا اتخاذه، وهو الانخراط في مجال "ابتكار تقنيات حماية البيئة"، أي اختراع تقنيات تساعد على حماية البيئة بما في ذلك التقنيات المتخصصة بإعادة تدوير النفايات بأنواعها المتعددة، والتي بدورها تساعد على توليد أنماط مختلفة من الطاقة المتجددة، وكذلك ابتكار تقنيات تمكننا من تحويل الأراضي الصحراوية إلى مساحات خضراء، أو معالجة المياه المالحة وتحويلها إلى مياه عذبة، وتتفق هذه الأفكار مع نمط حياة أجدادنا وكيفية مواجهتهم لشح موارد الغذاء والماء والطاقة.


ولكن هل بوسعنا حقاً البدء بالتفكير في "ابتكار تقنيات حماية البيئة"؟


أولاً، نحن نعتقد أن بوسعنا إعداد علماء التقنية وابتكار أحدث التقنيات في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد سلكنا هذا المسار على الرغم من قلة تعداد سكان الدولة وصغر حجم سوقها والنقص الملحوظ في عمليات البحوث العلمية، فقد ابتكرت قيادتنا هذا النهج والذي تجسد بمجموعة مبادرات أسهمت فيها شركة أبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر).

كما توجد دولة واحدة صغيرة على الأقل في منطقة الشرق الأوسط تهتم وتُعنى بابتكار وتطوير تقنيات حماية البيئة، وهذا دليل على أنك لست بحاجة لتعداد ضخم من السكان لتحقيق ذلك، إلا أنه لا بد من توافر دعم التمويل الحكومي، إضافة إلى إمكانية الوصول إلى الأسواق الكبرى مثل السوق الأوروبي والسوق الأمريكي.

ثانياً، قد يقترح البعض الاستفادة من الاقتصاد المعولم بشكل أكثر فاعلية، وذلك بتعقب أفضل الأفكار وتوظيف كبار العلماء ورجال الأعمال ودعمهم مالياً وإدارياً، وتوفير كافة عوامل النجاح التي تمكنهم من ابتكار التقنيات وطرحها في الأسواق، لكننا بهذه الطريقة نجازف ببساطة بتفويض هذه المهمة لأقوى شركات الاستثمار في هذا المجال، وبالتالي نهملُ بناء رأس المال البشري العلمي والإداري الإماراتي المتخصص بتقنيات حماية البيئة.

كلتا الطريقتين تخدمان الهدف نفسه؛ وهو أن تحتل دولة الإمارات العربية المتحدة موقع الصدارة في ابتكار تقنيات حماية البيئة، وتتمثل المخاطرة في المضي في كلا الاتجاهين .. أننا قد لا نكون طموحين بما فيه الكفاية للتفكير في كيفية امتلاك سلسلة الأنشطة المتعلقة بابتكار وإنتاج وتسويق تقنيات حماية البيئة مع ضمان تحقيق هدفنا الرئيس، وهو بناء رأس المال البشري والعلمي القادر على مواصلة إدارة هذه العملية.