الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

العودة من فضاء أستانا إلى أرض سوريا

المحادثات التي ترعاها روسيا وتركيا وإيران في أستانا حول سوريا، خرجت من آخر جولاتها بحصيلة العودة إلى التصرف بحسب القناعات الخاصة لأطراف الصراع.

لقد أصبح تعبير الدول الضامنة في اجتماعات أستانا غير واقعي ومحرجاً للدول الثلاث المعنية، ذلك أنّ الغارات الروسية ــ التي أوقعت عدداً من القتلى بين المدنيين ــ تزامنت مع اليوم الختامي للقاء الأخير في أستانا، كما أنّ الفصائل المعارضة بعد يوم من اللقاء شنّت هجوماً في محيط حلب أسفر عن مقتل ما يزيد على خمسة عشر من القوات السورية والموالين.

هذا المشهد بات تصاعدياً منذ أيام، ولا توجد دلائل على التهدئة، بل إنّ الانطباع الأول يوحي بأنّ هناك فشلاً سياسياً بين الدول الثلاث، تجري التغطية عليه في التصريحات العامة، في حين أنّ الميدان لا يزال يقدم قراءات أخرى مغايرة لما هو حاصل في الواقع.


ثمة آليتان تعملان في الملف السوري، لا نرى ـ بسهولة ـ عملية تنسيق واضحة بينهما، الأمر الذي ينعكس سلباً على الأرض.


الآلية الأولى، أممية يمثلها المبعوث الخاص لسوريا من الأمم المتحدة، والذي ناقش مؤخراً في دمشق قضية التعديل الدستوري الانتقالي، وهي مسألة لا تزال غائمة ولم تدخل حيز الإنجاز الإجرائي.

والآلية الثانية، هي: اجتماعات أستانا، التي باتت تخص التشاور الثلاثي الذي ينتج عنه مواقف ذات رسائل إقليمية ودولية من خلال الملف السوري، كإدانة الاجتماع الأخير الانحياز الأمريكي لقرار إسرائيل ضم الجولان خارج إطار القرارات الدولية، وكذلك الدعم الأمريكي لوحدات كردية شاركت في القتال ضد تنظيم داعش، وتسعى إلى نيل حكم ذاتي استقلالي في جزء من سوريا، الأمر الذي تجمع الدول الثلاث على رفضه.

من الصعب إعادة الملف السوري إلى الأمم المتحدة، أو مجلس الأمن بعد أن تولّت روسيا والولايات المتحدة تنفيذ أجنداتهما الخاصة، بتفاهمات يمكن تسميتها -الاستشعار عن بُعد - من دون الرجوع إلى شرعية أممية في شن عمليات عسكرية أو التعاطي مع أطراف دون أخرى داخل سوريا.

بعد ثماني سنوات من حرب سوريا، جرت عمليات حسم عسكري كثيرة، وأقيمت أكثر من هدنة وعقدت مصالحات في مناطق ساخنة، لكن كل المؤشرات الدولية والإقليمية لا تزال لم تعط النتيجة التي ينتظرها المواطن قبل سواه، وهي إعلان انتهاء الحرب، وحسم كامل لعودة السوريين لمنازلهم من دون تبعات.