الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الموافق منافق!!

المعارضة في الأمة العربية وسيلة تحولت إلى غاية، والمعارضة في تعريفي اللغوي هي: أن تطرح البديل لما ترفض، أي أنَّ لديك طرحاً مغايراً وحجة بديلة، وبهذا التعريف أستطيع أن أجزم بأنه لا توجد في أمتنا معارضة وإنما هو رفض، والرفض موقف سلبي والمعارضة موقف إيجابي، المُعارِض يقول: لا، ويجيب عن سؤال: لماذا لا.. والرافض يقول: لا، وليس عنده جواب لماذا، والمعارضة عندنا ضد النظام، وفي العالم كله هي جزء من النظام.. المعارضة العربية رفض للرفض، والناس في أمتي عندهم شعار لا يحيدون عنه؛ وهو: أن المعارض أو الرافض شجاع وبطل ومناضل، والمؤيد والموالي أو الموافق منافق، وفي مصرـ مثلاً ـ يقول الناس إن الموالي أو المؤيد يمارس (التطبيل)، وأرى أن الرافض أيضاً يمارس التطبيل لكن بدقة أو نقرة مختلفة، وتتعدد الدقات والتطبيل واحد.. وتتعدد الهزات والرقص واحد.
والناس في أمتي لا يطلبون دليلاً من الرافض، فإذا قال: إن النظام سيئ، يقولون له: صدقت وقلت حقاًّ، بينما يطلبون ألف دليل من الموالي على موقفه، ويقولون له: كذبت ونافقت، والناس يتهمون الموالي بأنه يقبض ويتقاضى ثمن موالاته أموالاً أو مناصب، على الرغم من أن الرافض أيضاً يقبض ثمن رفضه من جهات يرفض ويقتل لحسابها، والوطن كما أزعم ليس في رأس الموالي ولا في رأس الرافض لأن الوطن في أمة العرب فكرة افتراضية لا وجود لها في رأس أحد، وكل فريق يرفع لافتة الوطن ويمارس تحتها الفئوية والطائفية والقبلية الفكرية، وكل فريق يتحسس جيبه ورصيده في البنك، وهو يوالي أو وهو يعارض عملاً بالمثل العامي المصري الشهير «اللي تكسب به ألعب به».
والرفض في أمة العرب أكثر مشاهدة، وأكثر بيعاً بصرف النظر عن الصدق والمهنية والرسالة لذلك تبدو الشائعات والأكاذيب بياعة، والأكاذيب أكثر رواجاً من نفيها، فلو نفيت الشائعة ألف مرة فإن ذلك لا يجدي، لأن العرب قوم متطرفون متعصبون يكرهون الموضوعية والتعقل ويريدون جنازة يشبعون أو لا يشبعون فيها لطماً، فالعقل الجمعي العربي مضبوط علي المخالفة باعتبارها شجاعة، ومضبوط على الشكوى لمنع الحسد وهو دائما يشكو ولا يشكر، ولا يميل إلى تطوير الفكر الجمعي العربي الذي يرى دوماً أن الرافض شجاع وصادق وإن كذب، وأن المؤيد والموالي كذاب وإن صدق، وأن الموافق منافق!!