الاثنين - 06 مايو 2024
الاثنين - 06 مايو 2024

التخطيط العمراني.. والذاكرة التشريعية

تبقى المؤسسات رهينة الظلّ، تمرُّ بمحطات وتتمهّل في وقفات وتترك بصمات، حتى تحين اللحظة التي تحظى فيها بعرفانِ متعامليها، وتصدح بفخرٍ لتاريخها وإنجازاتها، وحدَهم المستشرفون من لا يكتفون بصناعة التميّز، وإنما يتطلّعون لتوثيق ذاكرتهم المؤسسية تشريعاً وتنظيماً وبناءً معرفيّاً.

ففي اليوم الـ 29 من الشهر المنصرم، من العام الـ 19 من هذه الألفية، أشرقت خطوات دائرة التخطيط العمراني والبلديات في أبوظبي التي قطعت مسافاتٍ طويلة من الإنجازات في مشهد احتفائي، لتُصدِرَ عبر منصّتها موسوعتها التشريعية، عُصارة جهد تقطُر له جباه العاملين بالدائرة فخراً، وهم يضعون بين يدي المتعاملين والشركاء ذاكرة تشريعية وإنجازاً للتاريخ العمراني والبلدي في أبوظبي.

تنطوي الموسوعة على نحو 1500 صفحة، وتتشكّل حبّات عقدها من ثمانية أبواب، يحكي بابُها الأول رحلة «تشريعات إنشاء الدائرة والبلديات»، ويقف بابُها الثاني على «التشريعات العقارية»، ويتناول الثالث «تشريعات أعمال البناء»، ويتطرّق الرابع لـ «تشريعات تخطيط المدن»، ويستعرض الخامس «تشريعات البنية التحتيّة»، ويسرد السادس «تشريعات المظهر العام والصحة والسكينة العامة»، ويضم السابع «تشريعات البيئة والصحة والسلامة»، وتُختتم الموسوعة بالباب الثامن بـ «تشريعات تصنيف المقاولين والمكاتب الاستشارية»، لتؤطرَ بذلك لمنظومة متكاملة من القوانين والقرارات واللوائح والأدلّة التشريعية الصادرة حتى عام 2018، ولتعزّز تنافسية التنمية الحضرية والبلدية في إمارة أبوظبي.


من يتابع تفاصيل هذه الرحلة يدركُ أنّ موعد الحصاد ولحظة القِطاف لا تتمثّل فقط بإصدار موسوعة توثيقية لذاكرة تشريعية مؤسسية متكاملة، فما إن طوت الدائرة آخر فصول الموروث الورقيّ حتى بدأت التحليق نحو التحوّل الرقمي لتنفيذ النسخة الذكية من الموسوعة في حلّة منصّة رقميّة ذكية سيتم إطلاقها قريباً.


ففي عالم مسرعات الأعمال ومختبرات الابتكار والمدن والخدمات والعقود الذكية والذكاء الاصطناعي والمعاملات العابرة للقارات، والبلوك تشين وإنترنت الأشياء، لا مكانَ ولا أثرَ إلا لمن يملك أدوات الثورة الصناعية الرابعة، وحتمية جاهزية الانتقال إلى المنصات الذكية لتعزيز التشاركية التشريعية.

نباركُ لدائرة التخطيط العمراني والبلديات في أبوظبي وجميع عامليها ومتعامليها تلك الخطوة الاستباقية في توثيق ذاكرتها التشريعية، لتكونَ نقطةَ انطلاقٍ لرحلة التحوّل الرقمي بما تمتلك من أدوات العصر، فمن يلتحف سماء دولة الريادة واللامستحيل فلا خيارَ له سوى أن يكون استشرافياً استباقياً يخوضُ غمار تحدٍّ مستمر ليحظى بسمعة مؤسسية ترقى لما حققته الدولة من أثر مستدام ومكانة تنافسية عالمية مرموقة.